بسم الله الرحمن
الرحيم
الحمد لله وحده،
والصَّلاةُ والسلام على من لا نبي بعده، وبعد.
حدثنا النبيُّ صلى الله
عليه وسلم عن ملِكٍ طاغية فيمن كان قبلنا .. يزعم الألوهية والربوبية لنفسه من دون
الله .. حاله حال طواغيت الحكم في زماننا الذين يزعمون الألوهية على شعوبهم .. ويفرضون
قانونهم الباطل ـ بالحديد والنار ـ على البلاد والعباد من دون قانون الله .. ولسان
حالهم يقول ما قاله فرعون من قبل:) وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا
عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي (القصص:38. ) مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى
وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ (غافر:19. ( فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ
الْأَعْلَى ) النازعات:24.
هذا الملِك الطاغية [[ كان له
ساحر ]]، يُجادِل عنه، وعن ملكه، وقانونِه، ويُزوّر الحقائق في أعين الناس، فيريهم
الحقَّ باطلاً، والباطلَ حقاً .. يعمل على تعبيد الناس للملك الطاغية ولقانونه
الكافر .. وأيما مخالف أو معارِضٍ للملك وقانونه، كان يُرهبه بسحره .. فالطغاة ـ
عبر جميع عصورهم الفائتة منها والقادمة ـ يحتاجون إلى سحرة يُنافحون عنهم، وعن
أنظمتهم .. ويقومون بمهمة إضلال وإغواء الناس .. وإلا لما استتب لهم حكم ولا ملك ..
ولا استتبت لهم عبودية الناس.
كذلك " القرضاوي " في زماننا .. فهو يقوم بمهمة
ودور الساحر مع الطغاة .. فهو يزوّر الحقائق في أعين الناس؛ فيريهم الحق باطلاً،
والباطلَ حقاً .. ويُجادل عن الطغاة الظالمين وحكمهم وقانونهم .. ويُجرّم كل من
يفكر من الشعوب والجماعات بجهاد هؤلاء الطغاة الآثمين .. والتحرر منهم ومن ظلمهم ..
بزعم الوسطية التي ينتهجها ويدعو إليها .. إلا أنه يوجد فارق بينه وبين ساحر الملك
الطاغية من جهة أن الساحر كان تزويره للحقائق ظاهراً ومكشوفاً يراه عامة الناس قبل
خواصهم .. يعتمد في سحره أسلوب وطرائق المشعوذين الدجالين .. بينما تزوير الساحر "
القرضاوي " للحقائق في كثير من الأحيان يكون ـ على طريقة الزنادقة ـ مبطَّناً
ومغلَّفاً ببعض المصطلحات والإطلاقات الشرعية ليمرر باطله وسحره على الناس من دون
أن يُكشَف .. وحتى يجد لنفسه نفَقَاً يهرب منه إذا ما رُوجِع في كلامه ومواقفه!
ومن جهة ثانية فإن ساحر الملِك الطاغية .. كان يعمل لخدمة الملك
الطاغية وحسب .. لا يُشرِك معه طاغية آخر .. بينما ساحرنا المعاصر .. فخدماته
السحرية .. وتخريفاته البهلوانية مبذولة لجميع الطغاة الحاكمين في زماننا .. ولجميع
فئات وفرق وطوائف الكفر والضلال التي نعايشها ونكابد واقعها .. لذلك فهو مرحب به
عند الجميع .. والجميع قد صنعوا منه ـ كذباً وتلبيساً ـ تمثالاً، وإمام العصر الذي
لا يُعقَّب عليه .. لأن الجميع يقتاتون به وباسمه .. وسحره .. وكثير منهم تجمعهم
به صور تذكارية شخصية ودية أُخِذت له معهم في مناسبات شتّى[[1]].
[[ فلما كَبُرَ ـ أي السَّاحر ـ قال للملِك: إني قد كَبُرتُ ]]؛ وقد اقترب
أجلي .. والذي أخشاه أن تذهب طريقتي المثلى في السحر والدجل من دون أن يرثني ـ
ويرث طريقتي في السحر ـ أحد .. وهذا معناه ـ أيها الملِك ـ أن تفقد خدماتي السحرية
وإلى الأبد .. وبفقدانك لها .. ينكشف عجزك وجهلك وضعفك للناس .. فيُدركون حقيقتك؛
ويعرفون أنك لست إلهاً ولا ربَّاً .. بل ولا حاكماً تستحق أن تكون والياً عليهم ..
فتتكشف سوءاتك للناس .. فيتجرَّؤون عليك وعلى عرشك وملكِك.
وهكذا حال ساحرنا المعاصر .. بعد أن بلغ من العمر عتيَّاً ..
ووصل إلى مرحلة لم يعد يعي فيها ما يقول .. وخشي على نفسه أن يُدركه الأجل .. خشي
ـ ومن وراءه من الطغاة ـ أن تذهب طريقته الوسطية المثلى ـ التي تعني الوقوف وسطاً
بين الحق والباطل، فلا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ـ بذهابه ووفاته .. وينكشف بذهابه
وذهاب طريقته الغطاء عن المخبوء من كفر وظلم كثير من طغاة الحكم .. فتُسحَب عنهم
الشرعية والقانونية التي كان يضفيها الساحر عليهم وعلى أنظمتهم .. ويبطل مفعول
تخديره وتجريمه للشعوب التي تفكر بالخروج على أولئك الطغاة، انتصافاً لحقوقها
وحرماتها منهم.
فهو من جهة يزين حالهم .. فلا ينطق فيهم كلمة تعري كفرهم
وباطلهم .. ومن جهة فهو يُجرّم من يأخذ بخيار جهادهم، وأطرهم إلى الحق .. فأي ساحر
يستطيع أن يفعل فعله هذا؟!
إذاً الخطب جلَل .. والخطر داهم .. فما هو الحل .. وما هو الاقتراح .. وما
هو المطلوب؟
قال السّاحر:[[ فابعث إلي غلاماً ]]؛ على وجه السرعة قبل أن تُدركني
المنيّة .. لكي [[ أعلِّمُه السِّحرَ ]]؛ فيرثني في السحر، وخدمة الطاغية الملك،
ولتستمر فاعلية السحر وأثره على الناس؛ لأن السحر ـ لكي تُؤتَى ثماره ـ لا بد من
أن يُدعَّم بشحنات سحرية متواصلة من دون أدنى انقطاع؛ فلو حصل أي انقطاع أو توقف
في عملية السحر، سرعان ما ينكشف السحر ويبطل .. وينقلب على صاحبه .. وينكشف الغطاء
.. وتُعرَف الحقائق .. مثله مثل المخدِّر إن لم تُتبعه بجرعات تخديرية متواصلة فإن
المُخَدَّر يستيقظ على من حوله، ويحصل حينئذٍ ما لا يُحمد عقباه.
وهكذا ساحرنا المعاصر ـ لما دنا منه الأجل ـ تنادى أن ابعثوا إليَّ غلمانكم
وبناتكم لكي أعلمهم السحر .. لكي أورثهم منهجي .. وطريقتي الوسطية المثلى في
التضليل والتلبيس والسحر .. ليستمر مفعول سحري على الناس .. ويستمر مفعول تخديري
لهم .. ولكي يأمن الطغاة ـ من بعدي ـ على أنفسهم وعروشهم من غضب وثورات شعوبهم.
[[ فبعَثَ ]] الملِك الطاغية [[ إليه غُلاماً يُعلِّمُه ]]؛ السحر، والدخول
في طاعة وخدمة وعبادة الملِك .. والسر في اختيار التلميذ أن يكون غلاماً؛ لأنه
أطوع على التعليم وقبول السحر .. ومن ثم لضمان خدمة أطول للطاغية الملك.
وهكذا ساحرنا المعاصر .. أرسلوا إليه مجموعة من
الشبان والشابات في مقتبل أعمارهم ـ ومن أقطار وقارات شتى ـ ليلقنهم طريقته
السحريَّة المثلى .. ليستلموا من بعده الراية في التضليل والتحريف .. ولينتشر سحره
وضلاله في أكبر بقعة ممكنة من الأرض .. وليكونوا تلك الأداة التي يتكئ عليها
الطغاة في ظلمهم .. وتثبيت ملكهم وعروشهم .. فالطغاة حريصون على أن يصنعوا من
القرضاوي ـ دون غيره ـ نُسخاً متكررة وفي أكثر من مكان، لما رأوا في منهجه الوسطي
التضليلي التحريفي من خدمات جليلة لعروشهم وأنظمتهم الفاسدة الكافرة.
وللطغاة، ومن معهم من السَّحرة، نقول: قد تسلط على هذا الدين قبلكم كثير من
الطغاة والسَّحرة .. فذهبوا وكيدهم حطباً لنار جهنم .. وبقي الإسلام نقيّاً شامخاً
عزيزاً كاملاً، كما أنزله الله تعالى.
قد كاد الإسلام قبلكم طغاة وسحرة هم أشد منكم طغياناً وسحراً .. فانقلب كيدهم
على أنفسهم .. وانقلب السحر على الساحِر .. وبقي الإسلام كما أنزله الله تعالى
محفوظاً لم يتغيّر منه شيء .. دين قد تكفل الله تعالى بحفظه فلا ضيعة ولا خوف عليه
.. مهما كاده الكائدون .. وتكالب عليه السحرة الماكرون .. وكان سحرهم كبيراً، ) وَمَكَرُواْ
وَمَكَرَ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (آل عمران:54. وقال تعالى:) وَمَكَرُوا
مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (النمل:50. دين يمكر الله
تعالى له، فلا خوف عليه من مكر الماكرين.
اللهم يا حيُّ يا قيوم .. يا أرحم الراحمين .. كما
حفظت غلامَ ساحِر الملك .. من سحر وشرِّ الساحر .. احفظ غلماننا وأبناءنا من سحر
وشَرِّ ساحر طغاة العصر .. وكما كشفتَ وعرَّيت سحر ساحر الملِك على يد غلام ساحر
الملك .. فاكشف وعرّ سحر ساحر طغاة العصر على يد الغلمان الذين انتقاهم لتعليم
سحره ومنهجه وباطله .. وكما جعلت نهاية الطاغية الملِك وسِحر ساحره، على يد غلام
ساحِر الملِك .. فاجعل نهاية طغاة العصر، وسحر ساحرهم على يد الغلمان والشّبان
الذين انتقاهم الساحر المعاصر لنفسه، ومنهجه، وسحره، وطريقته الوسطية الباطلة ... اللهم
آمين .. آمين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
وصلى الله على محمد النبي الأمي، وعلى آله وصحبه وسلم.
عبد المنعم مصطفى حليمة
81/4/1431 هـ - 3/4/2010
م .
[1]
من آخر تخريفات وهرطقة وسحر القرضاوي كما في مقابلته الأخيرة مع " بي بي سي "، في برنامج " في
الصميم "، والذي نُشر على الملأ للملايين، وكان ذلك بتاريخ 8/2/2010، قوله:"
أنا لست سياسياً ـ يا أخي! ـ أنا رجل شرعي .. أنا لست ضد اليهود ولا اليهودية .. نحن
ضد الصهاينة، اليهود الذين يقفون ضد إسرائيل أرحب بهم .. أنا مع كل الحريات، أنا
أقدس الحرية، الحرية مقدمة على تطبيق الشريعة .. من حق الإنسان ـ المسلم ـ إذا كان
هو حراً حقيقياً أن يغير دينه .. لا مانع ولا مشكلة من ترشّح قبطي نصراني لرئاسة
مصر، والناس ستختار من هو أحق أو لا .. لا أمانع من محاكمة أي حزب أو جماعة وفق
القوانين المصرية الجارية "ا- هـ. أي وفق قانون وشريعة الطاغوت الجارية .. وغير
ذلك من الهرطقة والشعوذة والكذب على دين الله .. وقد ذكرنا وناقشنا شيئاً من هرطقاته ودجله ـ التي يصعب
تتبعها وإحصاؤها ـ في غير هذا الموضع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق