بيان فضيلة الشيخ الدكتور أحمد عبد الرحمن النقيب

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة على من لا نبيّ بعده، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً كثيراً، وبعد
فانطلاقاً من قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : « وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتُبيّننهُ للناس ولا تكتمونه»، فإننا كأيّ مُسلم يؤمنُ بالله واليوم الآخر نؤكّدُ على الحقائق التالية :
  • 1. سفكُ الدماء المعصومة من أعظم الحُرمات عند الله ـ عزّ وجلّ ـ ، فلا « يحلُّ دم امريء مسلم إلّا بإحدى ثلاث: الثيّبُ الزاني، والنّفسُ بالنفس، والتاركُ لدينه المُفارقُ للجماعة» [متفقٌ عليه]، وهؤلاء المسلمون الذين سالت دماؤهم بالمئات ووقع فيهم آلافُ الجرحى لم يرتكبوا شيئاً مما تحلُّ به دماؤهم بهذه الصورة البشعة المُنكرة التي لا يقبلها إنسانٌ لم ينسلخ من آدميّته، فضلاً عن أهل الإسلام الذين يعتقدون حرمة الدماء، فإنه لا يُتصوّرُ أن يقتل مسلمٌ أخاه بغير ذنبٍ، لقوله ـ سبحانه ـ : «وما كان لمؤمنٍ أن يقتُلَ مؤمناً إلّا خطأً»، فكيف ونحنُ في شهر رمضان؟ وكيف بأقوامٍ يقومون الليل ويصومون النهار؟!
  • 2. إن ما حدثَ طوال الفترة الماضية من سفكِ الدماء خصوصا عند المنصة وطريق النصر: بغيٌ وظلمٌ وعدوانٌ بيّن، فالأخوة الإيمانيّة بين المسلمين تقتضي تعظيم شأن الدماء لقول النبي ـ صلى الله عليه وسلّم ـ : «وكونوا عباد الله إخوانا، المسلمُ أخو المسلم لا يظلمهُ ولا يخذلُهُ ولا يُسلِمُه، بحسب امريء من الشرّ أن يحقر أخاهُ المسلم، كلُّ المسلم على المسلم حرام: دمهُ ومالهُ وعرضه»، وقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل ألا يقتلوا إخوانهم في الدين، وجعلَ قتلَ بعض أبناءِ الدين الواحد لبعض كأن يقتل أحدهم نفسه! فقال: «ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم»، ثم بيّن عقوبة ذلك فقال: «فما جزاءُ من يفعلُ ذلك منكم إلّا خزيٌ في الحياة الدنيا ويوم القيامة يُردُّون إلى أشدِّ العذاب وما الله بغافل عمّا تعملون».
  • 3. «المسلمون تتكافأ دماؤهم، يسعى بذمّتهم أدناهم، ويُجيرُ عليهم أقصاهم، وهم يدٌ على من سواهم»، فليست دماءُ بعض المسلمين أزكى من دماء بعض، وليس من دين الإسلام أن يُحمى بعضُ المسلمين وتُصان دماؤهم، ويُعتدى على فريقٍ آخر وتسفكَ دماؤهم!! مهما كان الخلاف بينهم، بل واجبٌ على أجهزة الدولة لا سيّما الجيشُ والشرطة أن يحفظوا دماء جميع المسلمين.
  • 4. لا يجوزُ تفويضُ أحدٍ في سفكِ قطرة دمٍ واحدة من دماء المسلمين، وهذه هي سنة فرعون الذي قال: «ذروني أقتل موسى وليدعُ ربَّهُ إني أخافُ أن يُبدِّلَ دينكم أو أن يُظهر في الأرض الفساد»، بل قال النبيُّ ـ صلى الله عليه وسلّم ـ : «لزوال الدنيا وما فيها أهون عند الله من قتل مؤمن، ولو أن أهل سماواته وأهل أرضه اشتركوا في دم مؤمن لأدخلهم الله تعالى النار»، وقال الله ـ عزّ وجلّ ـ بعد أن ذكر قصة قتل ولد آدمَ لأخيه بغياً وظلما وعدواناً: «من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتلَ نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً».
  • 5. مع أننا نؤمنُ إيماناً راسخا جازماً بالمنهج النبوي في الإصلاح والتغيير، المُخالف لمنهج الديمقراطية الفاسدة في فلسفتها وآلياتها، وإنكارنا لفكرة الحشود والمُظاهرات والاعتصامات والانقلابات، وتأكيدنا على أهمية التربية والإصلاح والارتقاء بالأمة، أقول: مع كلّ هذا إلّا أنه لا يجوزُ الفرح ولا الرضا ولا الإقرارُ ولا السكوتُ على سفك دماء المسلمين المعصومة، ومن فعل ذلك كان مُتحمّلا لوزر هذه الدماء مُشاركاً فيها؛ لقول النبيّ ـ صلى الله عليه وسلّم ـ : «إذا عُمِلَت الخطيئة في الأرض كان من شهدها فكرهها كمن غاب عنها، ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها»، وممن يحملُ هذا الإثم العظيم أولئك الذين لبسوا الدين بالأغراض زعماً نصرة الدين!! حتى لبّسوا على الناس دينهم، وأدّت بهم أهواؤهم الفاسدة إلى أن أيّدوا هذا التفويض الآثم بالقتل، حتى وصف أحدهم تظاهرات المفوّضين بأنها رائعة!! فلينظر هو ومن خلفهُ بأيّ دماءٍ معصومة سيلقون الله ـ عزّ وجلّ ـ !!!
  • 6. إن سرعة التجاوب التي أظهرتها الكنائس الثلاثة ومن خلفها نصارى مصر، والمُنافقون من الرافضة وغلاة العلمانيين، وغيرهم من المُفسدين في الأرض، وكثير من الدهماء المغرر بهم، ومُبادرتهم جميعاً إلى الموافقة على سفك الدماء بحجّة مُقاومة العنف والإرهاب، ثم شكرهم بعد ذلك لمن شاركوا في هذه المجزرة البشعة!! كل هذا يبعث برسالة خطيرة مفادها: أن جيش مصر وشرطتها قد تغيّرت رسالتُهما من حفظ أمن البلاد الخارجيّ والداخليّ إلى استهداف طائفة كبيرة من الشعب لمجرّد خلافٍ سياسيّ وصراعٍ على السلطة، وهو ما ستترتّبُ عليه عواقبُ وخيمة جداً.
  • 7. لا يصحٌّ الاستشهادُ بحديث: «فالقاتل والمقتولُ في النار»، لأنّ النبيّ قال قبلها: «إذا التقى المسلمان بسيفيهما»، ثم بيّن علّة دخول المقتول في النار فقال: «إنه كان حريصاً على قتل صاحبه»، وهؤلاء الأبرياءُ الذين قُتلوا بدمٍ بارد لم يرفعوا السلاح على المسلمين ولم يخرجوا عليهم ولم يكونوا حريصين على قتل أحدٍ من المسلمين أصلاً حتى نبرر قتلهم بهذه الوحشية، ونبرأ إلى الله من ذلك وممن يبررون ذلك بزعم أنهم خوارج!!
  • 8. أليس من مُكافحة العنف والإرهاب الأخذُ على أيدي البلطجيّة، وعصابات البلاك بلوك المشبوهة في انتماءاتها الطائفيّة، أم أن قوانين البلاد تسمح بتشكيل العصابات المُسلّحة التي تسفكُ دماء المسلمين وتعتدي على أرواحهم، وكيف يسوغُ أن يرى الناس هذه العصابات وهي تحتمي في أجهزة الشرطة ورجالها ومُدرّعاتها؟؟!! وما معنى ذلك؟؟!!
  • 9. المساجدُ هي بيوت الله في الأرض، ولها حرمةٌ عظيمة في دين الله ـ عزّ وجل ـ ، فكيف تُحاصرُ بيوتُ الله وتمنعُ فيها الصلوات ويُروَّعُ المصلُّون الآمنون فيها على يد البلطجيّة والعصابات المسلحة والبلاك بلوك وغيرهم؟؟ وأين دور الجيش والشرطة في تأمين دور العبادة؟ وهل لو كان هؤلاء البلطجيّةُ يُحاصرون كنيسة سيُتركون هكذا دون رادع؟! إن الاعتداء على المساجد من أعظم الظلم والبغي لقول الله: «ومن أظلمُ ممن منع مساجد الله أن يُذكر فيها اسمهُ وسعى في خرابها».
  • 10. إن الحملة الإعلاميّة الشعواء الظالمة على كل مظاهر التديُّن وشعائر الإسلام الظاهرة تؤذِنُ بتغيير كبير في ثقافة المُجتمع المصريّ المُسلم، وهو ما يُشكِّلُ خطرا على السلم المُجتمعيّ، خصوصاً بعد تكرر الاعتداءات على أبناء هذا الوطن ممن التزم بسنة النبي الظاهرة، مع أن أكثرهم لا ينتمون لأية أحزابٍ أو اتجاهات سياسيّة، بينما يحظى الآخرون من غيرهم بالأمن والأمان والإكرام!! فأين حقوق المواطنة والمُساواة؟ وهل ستكون هذه حربا على الهويّة برعاية الدولة المصرية؟ هذا ما لا نرجوه.
  • 11. وكلمةٌ أخيرةٌ إلى الشرفاءِ من رجال الأمن في الجيش والشرطة: اتقوا الله في بلادكم وفي دماء المسلمين، فإن الله قال: «ومن يقتل مؤمنا مُتعمداً فجزاؤهُ جهنّمُ خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعدَّ له عذاباً عظيماً»، وعليه: فلا يجوزُ لرجال الأمن من الجيش والشرطة إراقةُ هذه الدماءِ المعصومة، ولا يجوزُ للقادة أن يأمروا جنودهم بالقتل، ولا يجوزُ للجنود طاعةُ قادتهم في قتل المُعتصمين، لا سيّما المُصلّين الصائمين الطائعين لربهم ـ سبحانه وتعالى ـ ، وما يحدُثُ أمام أعينكم من سفكٍ لهذه الدماء، وتركٍ لتلك العصابات الإجراميّة المُسلّحة تعيثُ في الأرض الفساد: مُؤذِنٌ بدخول البلاد في نفقٍ مُظلمٍ لا يعلمُ عواقبهُ إلا الله.
اللهم إنا نبرأُ إليك من سفك دماء المسلمين بغير حقّ، اللهم إنا نبرأُ إليك من سفك دماء المسلمين بغير حقّ، اللهم إنا نبرأُ إليك من سفك دماء المسلمين بغير حقّ، وحسبُنا الله ونعم الوكيل، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
أ. د. أحمد النقيب
قبل فجر الأحد 19 رمضان 1434هـ=28 يوليو 2013م.

تفويض بالقتل - كاريكاتير

تفويض بالقتل
تفويض بالقتل .. .. يبحث السيسى عن أكثر من غطاء لجرائم التطهير والإبادة ضد شعب مصر المسلم .. فإما العلمانية أو القتل ، إما أن تموت أو تعيش هندياً أحمر ، فبعد أن تأكد القوم من انسداد طريق الصندوق أمام نخبهم العلمانية المحاربة لدين الله تعالى ، قرروا أن يكشفوا عن وجوههم القبيحة وأعلنوها حرباً وتطهيراً على كل ما هو إسلامى .

وكشف العلمانيون عن وجوههم أخيراً

الكشف عن مؤامرة لعلمنة مصر وطمس هويتها الإسلامية
بعد أن اطمأن العلمانيون متصورين أنهم سيطروا على مصر تماماً وقضوا على أصحاب الدعوة إلى الحكم بالإسلام .. كشف مجرموا العلمانية عن وجوههم القبيحة التى كانوا يكسونها بأقنعة الخداع لاخفاء كرههم الشديد للإسلام وشريعته ،

فقد أذاعت قناة أون تى فى عن طريق الخطأ جزءً من مؤتمر جمع بعض ج
أعلنت الجماعة الإسلامية أنها تستنكر التصريحات التى أدلى بها بعض من يُطلق عليهم المثقفين والتى يدعون فيها بأن مصر دولة علمانية بفطرتها، وأنه من الطبيعى أن تراق دماء ليحافظوا على الديمقراطية والحرية  وعلمانية مصر ، وقد جاء ذلك خلال اللقاء الذى جمع بين حلمى النمنم وتهانى اجبالى على إحدى الفضائيات.            
                       وهاجمت الجماعة في بيانها حلمى النمنم قائلة  "إن الدعوة الإجرامية التي أطلقها حلمي النمنم والتي لا تنم إلا عن إرهاب وتطرف وحقد لم يعرف له مثيل، فالنمنم الذي قال إن مصر علمانية بفطرتها وأن العلمانية حتى تطبق يجب أن يكون هناك دم وأنه أريق دم وسيراق دم من أجل ذلك، ودعوته الإقصائية للتيار الإسلامي من المشهد السياسي".
 وتابعت "لا ندري هل هي وجهة نظر إرهابية دموية متطرفة أم أن الجيش يسعى بالفعل لفرض العلمانية على مصر، إن الإجابة الوحيدة هي التحقيق مع هذا الإرهابي الذي يريد أن يحول مصر إلى بحر من الدماء".
وأدانت الجماعة الإسلامية مطالبة المحامية تهاني الجبالي إسقاط الدستور بالكامل وإهدار أصوات ملايين الشعب المصري والعودة لدستور 71 الذي أسقطه الشعب، مشيرا إلى أن الجبالي تريد إعادة دستور 71 وإسقاط دستور 2012 الذي أسقطها فأرادت إهدار أصوات وأموال المصريين من أجل عودتها مرة أخرى للمحكمة الدستورية كقاضية ولكن ألبست طلبها لباس الوطنية".
وأقول "نعلم جيداً أن المنتسبين للقوى المدنية يعتنقون نفس هذا الفكر الدموي المتطرف ولم نسمع من أحدهم أى استنكار لما يجرى من مذابح على يد الشرطة والجيش بدعم وتعاون إعلامى قضائى قذر".
وكان الكاتب الصحفي حلمي النمنم، رئيس مجلس إدارة دار الهلال الصحفية، قد دعا إلى إراقة المزيد من دماء المصريين حتى تستطيع مصر أن تتحرر من الفكر الإسلامي إلى الفكر العلماني، وذلك في تعليقه على المجازر التي تمت بحق مؤيدي الشرعية خلال الأيام الماضية.
وقال النمنم، خلال لقاء جمع بعض القوى المدنية المؤيدة للانقلاب على الشرعية الدستورية، أذاعته قناة الـ«أون تي في»، "إن الشعب المصري علماني بفطرته وطبيعته والذي أكد ذلك هو عدم استنكارهم لدماء من أسماهم بالمنتمين للتيار الإسلامي، مشدداً على ضرورة إراقة المزيد من الدماء حتى تصبح مصر علمانية كاملة، وأنه حان الوقت للقضاء على تيار الإسلام السياسي، ولابد له أن يخرج من المشهد نهائيا".
وتفاجأ النمنم بأن تصريحاته التي أدلى بها في المؤتمر الصحفي مذاعة على الهواء، ما أدى إلى اضطرابه وارتباكه وتساءل موجها كلامه للحضور: هل تصريحاتي كلها أذيعت على الهواء، فأكد الحضور إذاعتها، ما أدى إلى غضبه، موجها اللوم إلى المسؤولين عن المؤتمر، مؤكدا أنهم أخطأوا بعدم علمه أن كلمته مذاعة على الهواء.  
وأضاف النمنم أن القوى السياسية رفضت دستور 2012، لأنه يؤكد أن هوية الدولة المصرية هي الإسلام، قائلاً «نحن نكذب عندما نقول إن مصر دولة متدينة بالفطرة, أنا أرى أن مصر دولة علمانية بالفطرة وهو ما يجب أن يكون عليه الدستور".
 وأكد النمنم على أنه يجب أن تسيل دماء المصريين ، معتبرا ذلك الأمر بأنه أمر طبيعي ، في ظل الحصول على الديمقراطية ، متجاهلا أن الدماء التي تسيل إنما تسيل من جانب المؤيدون للشرعية الدستورية ، الرافضين للانقلاب العسكري .

هذه عقيدتُنا وهذا الذي نَدعُو إليه

بسم الله الرحمن الرحيم
    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضل له، ومن يُضلل فلا هادي له.
    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليماً كثيراً .
    وبعد: هذه عقيدتنا .. وهذا الذي ندعو إليه .. ونجاهد في سبيله .. والذي نموت، ونُبعَث، ونلقى الله تعالى عليه إن شاء الله:
فإني أشهد ـ ظاهراً وباطناً ـ بأن الله تعالى واحدٌ أحد، فردٌ صمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد.
    
كان الله ولم يكن معه ولا قبله شيء .. فأول ما خلق اللهُ القلم .. ثم خلق العرش .. ثم قدر مقادير الخلق، وما هو كائن ـ قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة ـ إلى يوم القيامة.
 
له تعالى الأسماء الحسنى، والصفات العُلا، لا شبيه، ولا مثيل، ولا نظير له في ذاته، ولا في شيء من خصائصه وصفاته، أو ربوبيته وألوهيته سبحانه وتعالى علواً كبيراً ، كما قال تعالى عن نفسه:   لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ الشورى:11.
 
نثبت ونؤمن بجميع أسماء الله الحسنى وصفاته العلا الثابتة في الكتاب والسنة من غير تأويل، ولا تعطيل، ولا تشبيه، ولا تمثيل .. وعلى ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام رضي الله عنهم أجمعين.
كما ونؤمن بأن لله تعالى أسماءً وصفاتاً لا نعلمها مما استأثر به في علم الغيب عنده . 
    ونؤمن أنه تعالى هو الغني عن عباده، وعباده هم الفقراء إليه، فكل الخلق قائم به، محتاج إليه، وهو قائم بذاته، قيوم على خلقه، كما قال تعالى: اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ آل عمران:2. 
وقال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ فاطر:15. 
وقال تعالى:  فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ آل عمران:97.
     
ونؤمن أنه تعالى هو المألوه المعبود بحق المستحق للعبادة .. لا معبود بحق سواه .. يجب أن يُعبدَ وحدُه .. وما سواه لا تجوز عبادته في شيء؛ لأنه مخلوق ومربوب لا يستحق أن يُعبدَ في شيء .. ولو عُبدَ فعبادته باطلة، وهي من الشرك بالله تعالى.
 
لا مُطاع لذاته إلا الله .. ولا محبوب لذاته إلا الله .. وما سواه يُحب له ويُطاع فيه عز وجل .. وأيما مخلوق يُحَبُ أو يُطاعُ لذاته فقد جُعل نداً لله عز وجل ، وعُبد من دون أو مع الله، كما قال تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ البقرة:165.
 
فالله تعالى خلق الخلق .. وأرسل الرسل .. وأنزل الكتب لغاية واحدة؛ وهي أن يعبدوا الله تعالى وحده ولا يُشركوا به شيئاً، كما قال تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ الذاريات:56. 
وقال تعالى: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ البينة:5. 
وقال تعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ النحل:36.  وهو حق الله تعالى على عباده .. فإن أدوا له سبحانه هذا الحق لا يُعذبهم، ويدخلهم جنته.
    
والعبادة التي يجب أن تُصرف لله تعالى هي: العبادة الجامعة والشاملة لجميع ما يحبه الله تعالى من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، كما قال تعالى: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ الأنعام:162-163.
    
والعبادة لا تُقبل إلا بشرطين: أن تكون خالصة لوجه الله تعالى، لا يشوبها الرياء، وأن تكون مشروعة مأموراً بها، كما قال تعالى:  فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً الكهف:110
وقال تعالى: الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ الملك:2.   أحسنُ عملاً  قال السلف: أي أصوبه وأخلصه.
    
وفي الحديث، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" إن الله لا يقبلُ من العملِ إلا ما كان له خالصاً وابتغي به وجهه ".
    وقال صلى الله عليه وسلم :" قال الله تعالى : أنا أغنى الشركاء عن الشرك، فمن عمل عملاً أشركَ فيه غيري فأنا منه بريء، وهو للذي أشرك ".
    
هذا فيما يخص آحاد الأعمال التعبدية، أما إن أريد مجموع العبادة وما يقوم به العبد نحو ربه من أعمال تعبدية، فإنه لا بد من أن يضيف إلى الشرطين السابقين شرط ثالث: وهو الكفر بالطاغوت، والبراءة من الشرك كله؛ ما ظهر منه وما بطن؛ لأن الشرك يبطل العمل، ويحبطه، ويمنع من قبوله، كما قال تعالى:  وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ الأنعام:88. 
وقال تعالى: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ الزمر:65. 
 
والله تعالى كما له الخَلْقُ فله الأمر والحكم في الخلق .. فهو سبحانه الذي خلق .. وهو الأعلم بما يناسب ما خلق، فلا ينفذ في خلقه وملكه إلا أمره، وما سواه فأمره باطل، ومردود، ومرفوض، كما قال تعالى: أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ الأعراف:54
وقال تعالى: إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ يوسف:40.
    
فحكمه عز وجل هو العدل المطلق .. والحق المطلق .. وهو الأحسن والأجمل والأنفع .. وهو الذي يجب أن يُتبع، وكل ما خالفه فهو باطل ومردود، وهو حكم الجاهلية، كما قال تعالى: أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ المائدة:50.  
وقال تعالى: وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ غافر:20.
    
ونعتقد بتوحيد الله تعالى في ألوهيته، وربوبيته، وأسمائه وصفاته .. ولا نقول: أن توحيد الله تعالى في الحاكمية أو التحاكم هو توحيد رابع أو خامس .. وإنما نعتقد أن منه ما يدخل في توحيد الألوهية، ومنه ما يدخل في توحيد الربوبية، ومنه ما يدخل في توحيد الأسماء والصفات.
    
ونؤكد على أهميته ونخصه بالذكر لاعتقادنا أن فتنة الأمة في هذا العصر تأتي من جهة مناقضة توحيد الله تعالى في حاكميته .. والخروج عن حكمه وشرعه إلى حكم وشرائع الطاغوت !
 
ونؤمن أن الدين عند الله هو الإسلام ، وهو دين جميع الأنبياءوالمرسلين .. ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين، كما قال تعالى: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ آل عمران:19
وقال تعالى: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ آل عمران:85.
 
وما كان من خلاف بين الرسل أو الديانات السماوية فهو في الشرائع لا في العقائد والأصول، كما قال تعالى: لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ المائدة:48.
    
ونؤمن ونشهد أن محمداً عبدُ اللهِ ورسولُه .. وأنه حبيبُه وخليلُه .. سيدُ الأنبياءِ والمرسلين .. أرسله الله تعالى رحمة للعالمين ـ إنسهم وجنهم ـ بشيراً ونذيراً، كما قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ الأنبياء:107. 
وقال تعالى: تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً  الفرقان:1. 
وقال تعالى: إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ صّ:87. 
 
فالإنس والجن منذ مبعثه صلى الله عليه وسلم وإلى يوم القيامة .. لا يسع أحد ممن سمع به اتباع غيره .. فمن سمع به ولم يؤمن به، ولم يتبعه فهو من أهل النار.
   
 وهو صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين .. لا نبي بعده .. كما قال تعالى: وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ الأحزاب:40
فمن زعم بعده أنه نبي مرسل فهو كذاب أشر، وكافر مرتد.
 
ونشهد أنه صلى الله عليه وسلم قد بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، وجاهد في الله حق جهاده .. صلوات ربي وسلامه عليه.
    هو قدوتنا وأسوتنا .. ودليلنا إلى الله تعالى، وإلى ما فيه خيري الدنيا والآخرة .. ما من شيء يقربنا إلى الله تعالى وإلى الجنة إلا وقد بينه لنا وأمرنا به، وما من شيء يبعدنا عن الله تعالى ويقربنا إلى النار إلا وقد بينه لنا ونهانا عنه.
 
تركنا صلى الله عليه وسلم  على المحجة البيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك، فمن تمسك بغرسه وسنته صلى الله عليه وسلم فقد نجا، ومن خالفه وتنكب عن سنته فقد هلك، كما قال تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً الأحزاب:21.
 
وقال تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ آل عمران:31.
تجب طاعته واتباعه في جميع ما أمر وبلغ عن ربه .. فمن أطاعه فقد أطاع الله، ومن عصاه فقد عصى الله؛  كما قال تعال: وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ آل عمران:132. 
وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ النساء:59. 
وقال تعالى: وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ الأنفال:1. 
وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ محمد:33.
    
ومن طاعته صلى الله عليه وسلم التحاكم إليه وإلى سنته .. فمن رد حكمه وسنته فقد رد حكم الله .. ومن رد حكم الله فقد كفر.
    قال تعالى: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً النساء:65.
    وقال تعالى: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً النساء:59.
    وقال تعالى: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ النور:63.  والفتنة هنا يُراد بها الشرك والكفر.
    وقال تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً الأحزاب:36. 
 
فكل امرئٍ ـ مهما علا شأنه ـ يُخطئ ويُصيب، يؤخذ منه ويُرد عليه .. يجوز أن يُقال له أخطأت وأصبت .. إلا النبي صلى الله عليه وسلم لا يجوز أن يُفترض في حقه إلا الحق والصواب، والعدل؛ لأنه لا ينطق عن الهوى، كما قال تعالى: وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى . إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى النجم:3-4.
    ولقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ . يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ الحجرات:1-2.
    تُرد الأقوال بقوله .. ولا يُرد قوله بأقوال الآخرين .. مهما علا كعبهم وشأنهم.
 
تجب محبته .. والصلاة عليه .. كما يجب توقيره وتعظيمه من غير غلوٍّ ولا جفاء؛ فقد نهانا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:" لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم؛ فإنما أنا عبده، فقولوا عبدُ الله ورسولُه " البخاري.
    
وقد سمع صلى الله عليه وسلم جارية تنشد وتقول: وفينا نبيٌّ يعلمُ ما في غدٍ! فقال صلى الله عليه وسلم :" لا تقولي هكذا، وقولي ما كنت تقولين " البخاري.
    فمن أبغضه .. أو أبغض دينه وحكمه .. أو شتمه .. أو استهزأ به .. أو انتقص من قدره شيئاً .. فقد كفر، وخرج من الإسلام، كما قال تعالى: قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ . لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ التوبة:65-66.
    
وسنته صلى الله عليه وسلم ـ الآحاد منها والمتواتر ـ العمل بها واجب وملزم، وهي حجة في الأصول والفروع، والعقائد والأحكام.
    وهذا التفريق بين العمل بالحديث المتواتر دون حديث الآحاد في مسائل الاعتقاد هو من الأمور المحدثة في الدين .. وهو من صنيع أهل الكلام والأهواء .. وهو بخلاف الدليل، وما كان عليه سلفنا الصالح في القرون الثلاثة الأولى المشهود لها بالخير والفضل.
    
ونترضى على جميع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الأنصار منهم والمهاجرين ، وغيرهم ممن أسلم بعد الفتح .. فنواليهم ونوالي من والاهم وأَحبهم، ونعادي من عاداهم وأَبغضَهم، ونلعن من لعنهم، ونكفِّر من كفرهم؛ لأن الطعن بهم هو طعن بالدين .. وطعن بكتاب الله .. وطعن بسيد الأنبياء والمرسلين، فلا يتجرأ على الطعن بهم ولا يغتاظ منهم إلا كل منافق كافر.
    قال تعالى: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً الفتح:18. 
والذين بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة كانوا أكثر من ألف وأربعمائة صحابي .. والله تعالى إذ يرضى عنهم فهو يرضى عنهم لدينهم وإيمانهم، وحسن جهادهم ونصرتهم للنبي صلى الله عليه وسلم .
    وقال تعالى: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْأِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً الفتح:29.   والذين معه هم أصحابه من المهاجرين والأنصار .. كما أن الآية دلت أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يغتاظ منهم إلا الكفار، كما قال تعالى: ليَغيظَ بِهِمُ الكُفَّارَ .
    وقال تعالى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ . لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ التوبة:65-66.
    وهؤلاء الذين كفروا بعد إيمانهم لم يستهزئوا بالله وآياته ورسوله تحديداً، وإنما استهزأوا بالصحابة، فقالوا عنهم: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء ـ يعني أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ـ أرغب بطوناً، ولا أكذب ألسناً، ولا أجبن عند اللقاء!! 
    فعُد ذلك استهزاءً بالله تعالى الذي زكى الصحابة وأثنى عليهم خيراً، واستهزاءً بآياته التي ورد فيها رضى الله تعالى عن الصحابة، واستهزاءً برسوله صلى الله عليه وسلم الذي أثني خيراً على أصحابه .. فكفروا بذلك بعد إيمانهم.
 
ونعتقد أن جميع الصحابة عدول .. وهم خير خلق الله بعد الأنبياء والمرسلين .. وأن قرنهم خير القرون .. وأنهم هم الأفقه، والأعلم، والأحكم، والأسلم .. بالنسبة لمن جاء بعدهم .. من سلك طريقهم ومنهجهم .. والتمس فهمهم .. فقد رشد ونجا .. ومن يُشاقهم، ويتبع غير منهجهم وسبيلهم فقد ضل وغوى، كما قال تعالى: وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً النساء:115. 
وأولى الناس دخولاً في سبيل المؤمنين هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم .
    وأفضل الصحابة هم الذين أجمعت الأمة على فضلهم، وهم: أبو بكر الصديق، ثم الفاروق عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان، ثم علي بن أبي طالب .. رضي الله تعالى عنهم أجمعين.
    
ونعتقد أن خير القرون بعد قرن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه .. قرن التابعين لهم بإحسان؛ ثم القرن الثاني ثم الثالث .. ثم يفشوا الكذب، وتضعف الأمانة حتى يُقال في بني فلانٍ رجلٌ أمين .. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
أما الخلف ممن جاءوا بعد القرون الثلاثة الأولى المشهود لها بالخير والفضل .. فقيمتهم تأتي من جهة التزامهم بغرس وفهم من سلَف .. فمنهم المكثر، ومنهم المقل .. ولكل له قَدْراً .. جعلنا الله تعالى وإياكم من المكثرين.
    
ونعتقد أن المؤمنين أخوة .. وأن الموالاة فيما بينهم واجبة .. وأنهم يد على من سواهم، يمشي بذمتهم أدناهم .. وأن المسلم أخو المسلم لا يظلمه، ولا يُسلمه، ولا يخذله، ولا يحقره.
    فالمسلم على المسلم حرام؛ دمه وماله وعِرضه .. لا يجوز الاعتداء عليه في شيء، كما لا يجوز تكفيره بالظن، والمرجوح، أو المتشابهات .. إلا أن يُرى منه كفراً بواحاً لا يحتمل صرفاً ولا تأويلاً، لنا فيه من كتاب الله وسنة رسوله دليل صريح.
    فمن أبغض عامة المسلمين أو شتمهم .. أو كفَّرهم .. فهو كافر منافق؛ إذ لا يبغض جميع المسلمين إلا منا فق كافر بالإسلام، ومبغض له.
    والمرء من المسلمين الذي فيه صلاح وفسوق .. فيه موجبات الموالاة والمجافاة؛ فيُوالى من وجه، ويُجافى من وجه، بحسب ما فيه من صلاح أو فسوق .. ولا يُجافى على الإطلاق إلا من آثر الكفر والشرك على الإيمان وكان من المجرمين.
 
ونحترم علماءنا ونجلهم .. ونعرف لهم فضلهم وحقهم .. ونتوسع لهم في التأويل فيما أخطأوا فيه .. ولا نعتقد بعصمتهم أو أنهم فوق الخطأ أو التعقيب .. أو أنهم فوق أن يُقال لهم أخطأتم وأصبتم !
ولا نتعصب لهم ولا لأقوالهم فيما يخالف الحق .. ولا نتابعهم فيما أخطأوا فيه .. فالحق أولى بالاتباع، وهو أحب إلينا مما سواه.
 
ونقول في الإيمان ما قال به السلف الصالح، ودلت عليه نصوص الشريعة بأنه: اعتقاد، وقول، وعمل، يزيد بالطاعات، وينقص بالذنوب والمعاصي، لا ينتفي مطلقاً إلا بالكفر والشرك.
    
والعمل منه ما يكون شرطاً لصحته، ينتفي الإيمان بانتفائه، ومنه ما يكون دون ذلك. 
ولا نقول: لا نكفر أحداً بذنب ما لم يستحله ..!
وإنما نقول: لا نكفر أحداً بكل ذنب، أو لا نكفر أحداً بذنب دون الشرك ما لم يستحله.
فالشرك كفر لذاته، وكذلك أي قول أو عملٍ كفري فهو كفر لذاته لا يُشترط له الاستحلال .. أو أن يكون معقوداً حله في القلب!
 
ولا نقول: أن المرء لا يكفر إلا بالجحود أو الاستحلال القلبي .. كما يزعم أهل التجهم والإرجاء .. فإن الكفر أو سع من حصره بالجحود: فمنه الكفر الذي يأتي من جهة الإعراض والتولي، ومنه الكفر الذي يأتي من جهة العناد، والكبر، ومنه الكفر الذي يأتي من جهة الطعن والاستهزاء، ومنه الكفر الذي يأتي من جهة الكره والبغض لما أنزل الله، ومنه الكفر الذي يأتي من جهة الموالاة ومظاهرة المشركين .. ومنه الكفر الذي يأتي من جهة الشك بالله تعالى، وبوعده ووعيده .. ومنه الكفر الذي يأتي من جهة التوجه بأي نوع من أنواع لعبادة للمخلوق .. فهذه الأنواع كلها يمكن أن يكفر المرء من جهتها وإن لم يكن جاحداً للحق أو مستحلاً للكفر في قلبه!
 
كذلك الجحود والتكذيب يمكن أن يكون باللسان والعمل، كما يمكن أن يكون بالقلب .. وجميعها تسمى كفر جحود .. وهذا كله قد دلت عليه نصوص الشريعة.
من أظهر لنا الإسلام حكمنا بإسلامه، وعاملناه معاملة المسلمين، ومن أظهر لنا الكفر ـ من غير مانع شرعي معتبر ـ أظهرنا له التكفير، وحكمنا بكفره ظاهراً وباطناً، وعاملناه معاملة الكافرين. 

ونعتقد كفر من لا يعمل بالتوحيد، وكفر من انتفى عنه مطلق العمل وجنسه، لقوله تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ آل عمران:31. فالذي ينتفي عنه مطلق الاتباع ينتفي عنه مطلق الحب لله عز وجل .. ومن كان كذلك لا شك في كفره.
    
وقال تعالى: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى طـه:124. 
وقال تعالى: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ السجدة:22.
    
ونعتقد كفر تارك الصلاة .. ولو كان مقيماً لغيرها من الفرائض .. لورود الأدلة والآثار الصريحة في ذلك.
    ولا نؤثِّم ولا نبدِّع من لا يرى كفره .. إلا إذا كان لا يرى كفره لأن الصلاة عمل، وتارك العمل كلياً عنده ليس بكافر!
    
ونعتقد كفر من توجه إلى الأموات والقبور بالدعاء والسؤال والاستغاثة؛ لأن الدعاء عبادة، والعبادة لا يجوز صرفها لغير الله تعالى .. وكذلك من صرف أي نوع من أنواع العبادة للمخلوق.
    قال تعالى: حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوا أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ الأعراف:37. 
وقال تعالى: قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ . بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ الأنعام:41-42.
وقال تعالى: قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قُلْ لا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ الأنعام:56. وقال تعالى: وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ الأعراف:197.

ونعتقد أن موالاة الكافرين نوعان: موالاة كبرى تُخرج صاحبها من الملة، وموالاة صُغرى؛ موالاة دون مولاة، لا تُخرج صاحبها من الملة.
ومن الموالاة الكبرى مظاهرة المشركين على المسلمين، لقوله تعالى: وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ المائدة:51. 
ولقوله تعالى: لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ آل عمران:28. وقال تعالى: أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلاً الكهف:102.
 
ونعتقد أن العلمانية ـ على اختلاف راياتها ومسمياتها وأحزابها المعمول بها في الأمصار .. التي تفصل الدين عن الدولة والحياة، وشُؤن الحكم والعباد .. وتجعل ما لله لله؛ وهي المساجد وزوايا التعبد وحسب .. وما لقيصر لقيصر؛ وهي جميع مرافق وشؤون الحياة .. وما كان لله يصل لقيصر، وما كان لقيصر لا يصل إلى الله .. وليس من حقه ولا من خصوصياته التدخل فيه ـ غرسٌ خبيث ودخيل على الأمة وثقافتها، وهي كفر بواح ومروق ظاهر من الدين .. فمن اعتقد بها، أو دعا إليها، أو ناصرها وقاتل دونها .. أو حكم بها .. فهو كافر مشرك مهما تسمى بأسماء المسلمين وزعم أنه من المسلمين.
    
قال تعالى: وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً . أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً النساء:151.
وقال تعالى: فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ الأنعام:136.       
فالعلمانية ودين الله لا يلتقيان .. ولا يتعايشان .. ولا يجتمعان في قلب امرئٍ أبداً.
 
وكذلك الديمقراطية .. فتنة هذا العصر .. التي تُكرس ألوهية المخلوق وحاكميته .. وترد له خاصية الحكم والتشريع من دون الله .. وتُعلي إرادته وحكمه على إرادة وحكم الله تعالى .. هي كفر بواح ومروق من الدين، فمن اعتقد بها بمفهومها هذا، والمعمول به في بلاد الغرب وغيرها من الأمصار .. أو دعا إليها، أو حكم بها .. أو رضيها .. فهو كافر مرتد مهما زعم بلسانه زوراً أنه من المسلمين. 
 
ونعتقد كفر الحاكم الذي يبدل شرع الله تعالى بشرائع وقوانين الكفر، والحاكم الذي يجعل من نفسه نداً لله عز وجل في خاصية التشريع، فيشرع التشريع الذي يضاهي شرع الله، وكذلك الذي يعدل عن شرع الله فيحتكم إلى شرائع الطاغوت، ويقدمها على شرع الله.
 
ونعتقد كفر الحاكم الذي يحكم بالكفر والشرك، والحاكم الذي يحمي ويقاتل دون قوانين وشرائع الكفر، والحاكم الذي يرد حكم الله تعالى كبراً أو جحوداً أو عناداً أو كرهاً، أو استحلالاً، والحاكم الذي لا يحكم بما أنزل الله مطلقاً، والحاكم الذي يُحارب شرع الله، ودعاة الحكم بما أنزل الله لكونهم يدعون ويأمرون بالحكم بما أنزل الله، والحاكم الذي يوالي أعداء الأمة على الأمة .. فيحرص على تنفيذ أوامرهم ومخططاتهم في الأمة أكثر من حرصه على تنفيذ أوامر الله تعالى .. فهؤلاء الحكام جميعهم كفار، وأيما حاكم يتلبس ـ بيقين ـ بخصلة من تلك الخصال الآنفة الذكر فهو كافر مرتد، لا تجوز له الطاعة، ولا ولاية له على المسلمين ولا على بلادهم، ونرى وجوب إقالته والخروج عليه، عند توفر القدرة على ذلك.
 
والدليل على كفر جميع من تقدم ذكرهم من الحكام قوله تعالى: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ المائدة:44
وقوله تعالى: وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً الكهف:26
وقوله تعالى: أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ الشورى:21
وقوله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً النساء:60. 
وقوله تعالى: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً النساء:65
وقوله تعالى: أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ المائدة:50. 
وقوله تعالى: اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ التوبة:31. 
وقوله تعالى: وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ الأنعام:121. وقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ . ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ محمد:26. وقوله تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ محمد:9. 
وقوله تعالى: وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ النور:47.  

فهذه الآيات كلها تصلح دليلاً على كفر من تقدم ذكرهم من طواغيت الحكم.
فالمسألة ليست محصورة ـ كما يصور البعض! ـ في آية واحدة، وهي قوله تعالى: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ  ليكثروا الجدال في تفسيرها، ودلالاتها، وأسباب نزولها .. وكأن المسألة لا يوجد عليها دليل من كتاب الله وسنة رسوله إلا هذه الآية الكريمة!
 
ونعتقد أن من الحكام ممن لا يحكمون بما أنزل الله من يكون كفره كفراً دون كفر .. ومن تقدم ذكرهم من الحكام ليس كفرهم من الكفر دون كفر.
فالكفر منه ما يكون كفراً أكبر يُخرج صاحبه من الملة، ومنه ما يكون كفراً دون كفر لا يُخرج صاحبه من الملة، وكذلك الشرك، والظلم، والفسق، والنفاق.
 
فكل كفر شرك، وكل شرك كفر، وكل كافر مشرك، وكل مشرك كافر، فإذا أُطلق الشرك شمل الكفر ولا بد، وإذا أُطلق الكفر شمل الشرك ولا بد، أما إذا اجتمعا في تعبير أو نص واحد ـ كأن يُقال: هذا كفر وشرك أو هذا كافر مشرك ـ اتفقا من حيث الحكم والوعيد، واختلفا من حيث الدلالة اللغوية لكل منهما.
 
وكذلك نقول: كلُّ كفرٍ وشركٍ ظلمٌ وفسقٌ، وليس كلُّ ظلمٍ وفسقٍ كفراً وشركاً، وكذلك كل كافر ومشرك ظالمٌ وفاسق، وليس كلُّ ظالم وفاسقٍ كافراً ومشركاًً.
 
والكفر الأكبر نوعان: كفر مجرد، وكفر مغلظ ومركب؛ وهو الذي يُتبع كفره
بالحرب، والطعن، والاستهزاء، والقتل، والكيد، والتآمر، والغدر .. ولكل منهما أحكامه الخاصة به .. فكما أن الإيمان يزداد وينقص بأعمال محددة .. كذلك الكفر يزداد بأعمال محددة ومعينة، كما قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْراً لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ آل عمران:90. 
وقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْراً لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً النساء:137. 
 
أما الردة: لا توجد ردة دون ردة، ولا ردة صغرى وردة كبرى، وإنما توجد ردة مجردة، وردة مغلظة، وكلتاهما تخرجان صاحبهما من الملة، والفرق بينهما أن السنة في المرتد ردة مجردة أن يُستتاب فإن تاب وإلا قُتل، أما المرتد ردة مغلظة فيقتل دون أن يُستتاب إلا إذا تاب قبل القدرة عليه، فإن ذلك ينفعه.
 
ونعتقد أن أصحاب الكبائر من أهل التوحيد والصلاة ـ مهما عظمت ذنوبهم ـ فإنهم يُتركون إلى مشيئة الله تعالى إن شاء عذبهم، وإن شاء عفا عنهم .. ونعتقد أن التوحيد ينفعهم .. وينجيهم .. وأن شفاعة الشافعين من الأنبياء والصديقين والشهداء تطالهم بإذن الله تعالى.
 
ونعتقد أن الله تعالى لا يغفر الكفر والشرك، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء، كما قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً النساء:48.
 
ونعتقد أن التوبة الصادقة تجبُّ ما قبلها وتمحه بما في ذلك الشرك والكفر .. وأن بابها لا يُغلق إلا عند الغرغرة ومعاينة الموت، كما قال تعالى: وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً النساء:18.
 
ونعتقد أن التوحيد مصلحة عظمى تهون في سبيله جميع المقاصد والمصالح، وأن الشرك ظلم عظيم لا يعلوه ظلم، وفتنة عظمى لا تعلوها فتنة ..تهون في سبيل استئصالها جميع الفتن والمفاسد، كما قال تعالى: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ لقمان:13
وقال تعالى: وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ البقرة:191
وقال تعالى: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ الأنفال:39.
 
فالفتنة الحقيقية في قبول الشرك، والرضى به، والسكوت عنه، وليس في جهاده واستئصاله، وتغييره .. كما يصور البعض.
والشرك ضد التوحيد: وهو أن تجعل لله تعالى نداً في ألوهيته، أو ربوبيته   أو في شيء من خصائصه وصفاته .. وهو عز وجل الذي خلقك، وتفضل عليك بالنعم التي لا تُحصى.
أما التوحيد: فهو إفراد الله تعالى بالعبادة وحده، وله ركنان لا يُقبل ولا يستقيم إلا بهما معاً، أولهما: الكفر بالطاغوت؛ والبراءة منه، ومن عبادته، ومن عابديه، كما قال تعالى: قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ الممتحنة:4.
 
والطاغوت: هو كل ما عبد من دون الله عز وجل، ولو بوجه من أوجه العبادة .. ورضي بذلك.
فالشيطان طاغوت .. والهوى المتبع طاغوت .. والساحر طاغوت .. والكاهن الذي يتكهن علم الغيب طاغوت .. والحاكم بغير ما أنزل الله طاغوت .. والذي يشرع مع الله أو من دونه طاغوت .. والدساتير والتشريعات المضاهية لشرع الله تعالى طاغوت .. والمتحاكم إليه من دون الله طاغوت .. والمطاع لذاته من دون الله طاغوت .. والمحبوب لذاته من دون الله طاغوت.
 
واشتراط الرضى في تعريف الطاغوت؛ لنخرج الأنبياء والصالحين الذين يُعبدون من دون الله ـ وهم لعبادة الناس لهم كارهون، ومبغضون، ومحذِّرون ـ من مسمى وحكم الطاغوت.
 
ثانياً: إفراد الله تعالى بالعبادة؛ وإثبات أن الله تعالى وحده المعبود المألوه بحق، وهو معنى شهادة أن " لا إله إلا الله "، التي تتضمن ركني النفي والإثبات، وهو المراد من قوله تعالى: فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ البقرة:256.   والعروة الوثقى، هي: لا إله إلا الله.
 
فمن توجه لله تعالى بالعبادة ولم يكفر بالطاغوت وبعبادته وعابديه فتوحيده ناقص ولا يُقبل منه، ولا يكون موحداً .. وهو مثله مثل من يأتي بالشيء وضده معاً.
فإن قيل: كيف يُكفر بالطاغوت ..؟
أقول: كما أن الإيمان بالله تعالى يجب أن يكون بالاعتقاد والقول والعمل، كذلك الكفر بالطاغوت يجب أن يكون بالاعتقاد والقول والعمل .. لا تُجزئ واحدة من هذه الخصال عن الأخرى.
 
فمن اعتقد كفره وبغضه في قلبه، ثم هو بلسانه يدعو له، ويدعو لموالاته، ويزين باطله، ويسكت عن كفره وشركه وطغيانه .. ويُجادل عنه .. فهذا لا يكون قد كفر بالطاغوت.
 
كذلك الذي يكفر بالطاغوت في الاعتقاد والقول، لكنه في العمل يواليه ويُقاتل دونه ومعه على كل من يُعاديه .. فهذا كذلك لا يكون قد كفر بالطاغوت .. ولو زعم بلسانه ألف مرة أنه كافر بالطاغوت .. ولا يكون كافراً به إلا إذا كفر به ـ كما تقدم ـ بالاعتقاد، والقول، والعمل، معاً.
مع ضرورة مراعاة ما يمكن أن يعجز عنه المرء تحت ظروف الإكراه، والخوف، والتقية.
 
ونعذر ـ عملاً بالنصوص الشرعية وأقوال أئمة العلم ـ بالجهل المعجز الذي لا يمكن دفعه .. وبالتأويل المعتبر.
ونعتقد أن بداية كل غلو في التكفير مرده إلى عدم الإعذار بالجهل مطلقا .. كما أن مبدأ أهل الإرجاء والجفاء .. والوقوع في شبهاتهم وتفريطهم مرده إلى الإعذار بالجهل مطلقاً .. من دون تفصيل ولا ضوابط.
 
ولا نفرق ـ عند حصول العجز وانتفاء القدرة ـ بين الجهل في الفروع وبين الجهل في الأصول .. فيُعذر الأول، ولا يُعذر الآخر .. فهذا لا نقول به؛ لأنه قول محدث وغريب، وهو بخلاف ما دلت عليه نصوص الشريعة.
ومن فرق من أهل العلم بينهما فهو محمول على اعتبار استفاضة العلم بالأصول ـ في مجتمع من المجتمعات ـ إلى حد ينتفي معه العجز، ويحقق القدرة عند كل من يصدق في طلب ومعرفة تلك الأصول .. ولا يجوز تعميم ذلك على جميع أهل الأمصار، وفي كل زمان ومكان!
 
ونفرق بين الكفر العام وكفر المعين، ولا نرى كفر المعين إلا إذا توفرت بحقه شروط التكفير، وانتفت عنه موانعه.
ونعتقد أن الأصل في الناس في مجتمعات المسلمين: الإسلام .. وأنهم مسلمون .. ما لم يظهر منهم ما يدل على خلاف ذلك.
ولا نكفر أحداً منهم بعينه إلا إذا ظهر منه كفر بواح صريح لنا فيه برهان من الكتاب أو السنة .. فالإسلام الصريح لا ينقضه إلا الكفر الصريح.
 
ونرى صحة الصلاة خلف البر والفاجر، وخلف مستور ومجهول الحال .. ما لم نرَ منه كفراً بواحاً .. ولا يُشترط ـ للصلاة خلفه ـ التثبت أو التبين من عقيدته ومعرفة حاله .. فهذا من صنيع أهل الأهواء والتنطع .. وهو بخلاف ما دلت عليه السنة، وأجمع عليه علماء الأمة.
 
كما نعتقد أن الله تعالى لا يُعذب أحداً يوم القيامة إلا من قامت عليه الحجة من جهة نذارة الرسل، فقابلها بالإعراض والإدبار، كما قال تعالى:  وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً الإسراء:15. 
وقال تعالى: رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً النساء:165. وقال تعالى: تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ الملك:8.
 
وكذلك في الحياة الدنيا فإن سنة الله تعالى في عباده أن لا يهلكهم بعذاب عام إلا بعد أن تبلغهم نذارة الرسل فيقابلونها بالجحود والإعراض، كما قال تعالى: وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى طه:134. 
وقال تعالى: وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً الكهف:59.
 
ولا نشهد على معين من أهل القبلة بجنة ولا نار .. ولا بعفو ولا عذاب .. إلا من ورد بحقه ممن سلف نص شرعي ..  وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ البقرة:216.
فإن حسنت الخاتمة، وظهرت قرائن عن الميت تبشر بالخير، يُمكن أن يُقال حينئذٍ على وجه الرجاء لا الجزم: نحسبه شهيداً .. نرجو أن يكون شهيداً .. ومن أهل الجنة .. ولا نزكيه على الله!
 
أما الكافر الذي يموت على الكفر فإنَّا نشهد عليه بعينه بالعذاب والخلود في النار .. ونبشره بذلك، كما وردت بذلك الأحاديث والآثار، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" حيثما مررتَ بقبرِ كافرٍ فبشِّرهُ بالنار "، قال الصحابي: لقد كلفني رسول الله صلى الله عليه وسلم تعباً؛ ما مررتُ بقبرٍ كافرٍ إلا بشرته بالنار.
 
قال ابن عمر رضى الله عنه :" نهانا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن نُوجِبَ لأحدٍ من أهلِ الدين النار "؛ مفهوم المخالفة يقتضي بأن نوجب لكل أحدٍ بعينه ليس من أهل القبلة والدين النار؛ إذ لو كان لا يجوز لما كان تخصيص النهي عن الحكم لأهل الدين بالنار معنى.
 
ولا يجوز أن يُحكَم على كافر في حياته بأنه من أهل النار؛ لاحتمال توبته ودخوله في الإسلام، ولكن يُمكن أن يُعلق الحكم على الخاتمة،  فيُقال: إن مات على كفره فهو من أهل النار.
والمرؤ يدخل الإسلام بشهادة التوحيد، ولا يُجزئ عنها من أركان الإسلام شيء سوى الصلاة؛ فمن رؤي يُصلي صلاتنا، ويستقبل قبلتنا .. فهو المسلم، ويُحكم له بالإسلام وإن لم يُعرف عنه أنه نطق بشهادتي التوحيد، كما في الحديث:" من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا، فذاك المسلم له ذمة الله وذمة رسوله "البخاري. 
 
فإن كان كفره من غير جهة شهادتي التوحيد، فإنه يدخل الإسلام بشهادتي التوحيد، وبالتوبة والبراءة مما كان سبباً في كفره وخروجه من دائرة الإسلام.
فمن نطق وصرح بشهادة التوحيد عصم دمه وماله، وعومل في الدنيا معاملة المسلمين، فله ما لهم وعليه ما عليهم ما لم يُظهر ما يُناقضها ويُبطلها، وهي تنفعه في الآخرة إن استوفى شروطها، وهي إضافة إلى شرط النطق والإقرار: العلم، والصدق والإخلاص، وانتفاء الشك وحصول اليقين، والعمل بها، ومحبتها ومحبة أوليائها، والرضى بها، والانقياد والتسليم لها، والموافاة عليها.
 
فمن قال: لا إله إلا الله بهذه الشروط .. نفعته يوم القيامة مهما كان منه من عمل .. وعليه ينبغي أن تُحمل الأحاديث التي تفيد دخول الجنة لمن قال لا إله إلا الله وكان في قلبه مثقال خردلة أو ذرة من إيمان .. أو من لم يعمل خيراً قط .. زائداً عن التوحيد.
 
ونعتقد أن العلاقة بين الظاهر والباطن مترابطة ومتلازمة، وكل منهما يؤثر ويتأثر من الآخر، ودليل عليه؛ فمن فسد ظاهره فسد باطنه، ومن فسد باطنه فسد ظاهره ولا بد، ومن كفر في الظاهر كفر في الباطن، ومن كفر في الباطن كفر في الظاهر .. والمنافق مهما أخفى كفره الباطن فإنه يُعرف من قرائن عدة .. ومن لحن القول .. ويأبى الله إلا أن يفضحه، كما الحديث المتفق عليه:" ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب ". 
ونعتقد أن الإيمان لا يمكن أن يجتمع مع الكفر في قلب امرئٍ أبداً .. فإذا حلَّ أحدهما انتفى الآخر ولا بد.
ويمكن أن يجتمع في قلب واحدٍ إيمان وفسوق أو إيمان وكفر أصغر أو شرك أصغر.
 
ونبرأ إلى الله تعالى من ضلالات وغلو الخوارج ومن تابعهم من غلاة التكفير في هذا الزمان .. ونحذِّر منهم ومن غلوهم وظلمهم .. وننصح باعتزالهم وعدم مجالستهم إلا من لُمس منه الاسترشاد والحرص على طلب الحق .. فحينئذٍ يُجالسه طالب علم أو من كان قادراً على قيام الحجة عليه وإرشاده للصواب .. ونرى أن تسليط الدرَّة على رؤوسهم الجامدة أنفع لهم من نقاشهم وحوارهم!
 
وكذلك الخبثاء أهل التجهم والإرجاء .. بطانة الطواغيت الظالمين .. وعينهم الساهرة الحارسة على أمنهم وسلامتهم .. فهم الطرف النقيض للخوارج وغلاة التكفير .. فإنا نبرأ إلى الله تعالى من مذهبهم الضال الخبيث .. ومن أخلاقهم .. ونحذر منهم ومن غيهم وتفريطهم وفسادهم .. ومن كذبهم على دين الله ..!
 
ورأيُنا فيهم أن يُضربوا بالنعال، ويُطاف بهم في الأسواق، ويُقال: هذا جزاء من يجادل عن الطواغيت .. ويخذل التوحيد وأهله ..!
ونعتقد أن الحق وسط بين الغلو والجفاء، وبين التعطيل والتشبيه، وبين الأمن والإياس، وبين الجبر والقدر .. لا إفراط ولا تفريط .. في جميع مسائل الأصول والفروع .. وإنما هو وسط بينهما.
 
ونعتقد أن الجهاد ماضٍ مع كل بر وفاجر ـ ما لم يرق فجوره إلى درجة الكفر ـ وفي كل زمان، وبإمامٍ ومن دون إمام .. وأنه يجوز أن يمضي بفرد واحدٍ فما فوق .. لا يوقفه جور الجائرين، ولا إرجاف المثبطين .. وإلى قيام الساعة.
 
قال صلى الله عليه وسلم :" لا تزال طائفة من أمتي يُقاتلون على الحق، ظاهرين على من ناوأهم، حتى يُقاتل آخرهم المسيح الدجال ". وفي رواية:" إلى يوم القيامة ".
والطائفة تُطلق في اللغة على الفرد فما فوق.
 
ونعتقد أن الجهاد في سبيل الله هو الطريق الشرعي الصحيح الذي يمكّن الأمة من استئناف حياتها الإسلامية، وقيام خلافة راشدة.
وهو الطريق الشرعي الصحيح الذي يمكن الأمة من استرداد حقوقها المغتصبة والمنتهكة .. وما أكثرها.
وهو الطريق الشرعي الصحيح الذي تُصان به الحقوق والحرمات من السطو والاعتداء.
وهو الطريق الشرعي الصحيح الذي يحفظ للأمة مكانتها وهيبتها بين الأمم التي لا تحترم إلا القوي.
وهو أقرب الطرق .. وأيسرها .. وأقلها كلفة .. للوصول إلى أهداف وغايات هذا الدين .. وإن بدا لأعشى الليل خلاف ذلك.
 
وما سوى ذلك من الطرق والحلول والمناهج المقترحة .. فمنها الباطل ومنها المشروع .. والمشروع منها لا يمكن أن تحقق نصراً عاماً على مستوى الأمة، أو ترقى إلى مستوى أهداف وغايات هذا الدين .. وأكثر ما يمكن أن يُقال فيها أنها تُعتبر روافد تمد بحر الجهاد بالقوة والحياة.
    
ونعتقد أن الله تعالى قد تكفل بحفظ هذا الدين .. وأن الأمة لا تجتمع على ضلالة .. وأنه تعالى لا يزال يسخِّر لهذا الدين رجالاً ينصر بهم الملَّة .. ويحفظ بهم دينه .. ويُعلي بهم كلمته .. ظاهرين على من ناوأهم .. لا يضرهم من خذلهم .. لا يخلو منهم زمان .. وإلى أن تقوم الساعة .. وهم الطائفة الظاهرة المنصورة.
 
ونعتقد أن الصراع والتدافع بين الحق والباطل قائم منذ أن خلق الله تعالى آدم عليه السلام وناصبه إبليسُ العداءَ حسداً وكبراً، فأمرهم الله بالهبوط إلى الأرض كأعداء، كما قال تعالى: وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ البقرة:36. 
ولا يزال هذا الصراع والتدافع بين الحق وأهله من جهة، والباطل وأهله من جهة أخرى .. ما بقيا على وجه الأرض .. وإلى حين قيام الساعة .. وهو من ضروريات ولوازم بقاء الحياة وحفظها .. وهو سنة ماضية من سنن الله تعالى في خلقه .. وأن العاقبة ـ ولو بعد حين ـ للمتقين، كما قال تعالى: وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ البقرة:251. 
وقال تعالى: وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً الحج:40. 
وقال تعالى: بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ الأنبياء:18. 
وقال تعالى: وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً الإسراء:81.
 
ونعتقد ونؤمن بجميع أنبياء الله ورسله، لا نفرق بين أحدٍ من رسله .. وبكتبه المنزلة على رسله، وبملائكته، وأنهم عباد لله عز وجل لا يعصون الله ما أمرهم.
 
ونشهدُ ونؤمن أن عيسى عليه السلام عبدُ اللهِ ورسولُه وابنُ أمَتِه وكلمتُه ألقاها إلى مريم العذراء البتول وروحٌ منه ..  وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ النساء: 157. وأنه ينزل إلى الأرض حكَماً عادلاً؛ فيكسرُ الصليبَ، ويَقتلُ الخنزيرَ، ويضعُ الجزيةَ؛ فلا يقبلُ من الناس إلا الإسلام.
 
ونؤمن بالقدَر خيره وشره .. وأن ما أصابنا لم يكن ليخطئنا، وما أخطأنا لم يكن ليصيبنا .. وأن ما من شيء ـ مهما دق أو خفي ـ إلا بقدر، وقد رُقم قبل أن يكون .. وأن ما أصابنا من سيئة فمن أنفسنا .. وبقدَر .. وما أصابنا من حسنة فمن الله تعالى .. وبقدَر.
 
ونعتقد جازمين بأن الموت حق .. وأن عذاب القبر ونعيمه حق .. وأن البعث والنشور حق .. وأن الحساب حق .. وأن الميثاق الذي أخذه الله تعالى من آدم وذريته حق .. وأن الميزان الذي تُوزن به الأعمال حق .. وأن حوض نبينا صلى الله عليه وسلم حق .. وأن الجنة ونعيمها حق .. وأن النار وعذابها حق .. وهي لا تفنى ولا تبيد .. وأن الشفاعة حق .. وهي لا تكون إلا لمن أذن الله له وارتضى .. وأن رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة حق .. وأن العرش حق .. والكرسي الذي بين يدي العرش حق .. وأن علو الله تعالى فوق عرشه حق .. وأن القرآن كلامُ الله غير مخلوق حق .. وأن جميع ما جاء في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم الصحيحة من إخبار أو أمر أو نهي .. فهو حق ونؤمن به.
 
ونقول ـ ظاهراً وباطناً ـ ما أمرنا الله تعالى أن نقوله: قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ البقرة:136.
 
هذه عقيدتنا .. وهذا الذي نؤمن به وندعو إليه .. ونجاهد في سبيله .. بها نحيا .. وعليها نموت ونلقى الله تعالى إن شاء الله .. سائلين الله تعالى القبول، والثبات، وحسن الختام

وصلى الله على محمد النبي الأمي، وعلى آله وصحبه وسلّم
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

طائرة الشرطة تطلق النار

الشرطة تطلق النار 
من طائرة على سيارات المؤيدين لمرسى
في تطور بالغ الخطورة قامت طائرة هليكوبتر تابعة للشرطة المصرية بإطلاق النار باتجاه سيارات تابعة لمؤيدي الرئيس المنتخب محمد مرسي كانت قادمة من أطفيح على الكوبري الدائري ومتجهة إلى ميدان النهضة بالجيزة ,
وقد كان عدد من السيارات التى تقل المؤيدين للرئيس الشرعى المُنتخب قد تم إيقافها عن طريق بعض عناصر الشرطة المرتدين للزي المدني واعتدت هذه القوات على المؤيدين بالرصاص الحي والخرطوش وفوجئ حينها المتظاهرون بالطائرة تطلق عليهم الرصاص الحي وتوقع عدداً من الإصابات لم يتم حصرها حتى اللحظة.

AddThis