تغطية وجه المرأة عند الأئمة الأربعة

























  • من الأخطاء شديدة الشيوع بين عامة المسلمين وخاصتهم نسبة جواز كشف المرأة لوجهها لأئمةٍ ثلاثة من الأئمة الأربعة    { أبى حنيفة ومالك والشافعى } ، والحقيقة العلمية أنه لم يتحدث أبو حنيفة ومالك والشافعي في كشف الوجه بذاته وإنما تحدثوا عن لزومه { كشف الوجه } للأحكام كالصلاة والإحرام والظهار فيأخذون نصاً من سياقه لمعنى جديد.
  • وإن جميع الأقوال التي ينسبونها خطأً لأبي حنيفة ومالك والشافعي في إباحة كشف المرأة لوجهها غير محررة , وهى ليست إلا أقوالاً لفقهاء من الشافعية والمالكية والحنفية ولا يُنسب شئٌ منها لأئمة المذاهب  .
  • قال الإمامُ محمد بن علي بن عبد الله بن إبراهيم بن الخطيب اليمني الشافعى المشهور بابن نور الدين (المَوْزِعي) (مُتوفى 825هـ) : "الأئمة كمالك والشافعيِّ وأبي حنيفة لم يتكلموا إلا في عورة الصلاة" .
  • وإذا بحث الباحثُ في جميع كُتُب الأئمة مالك والشافعي وأبي حنيفة رحمهم الله رحمة واسعة وكذلك في ومسائلهم فلن تجدَ قولاً  صريحاً لأى منهم يجيز كشف الوجه بل إن الثابت تأكيدهم على سترهِ . أما أتباعهم فنعم .
  • قال الإمام الشافعى - رحمه الله تعالى - في كتابه الأم : "إن طافت بالنهار سدلت ثوبها على وجهها"
  • وهنا أكد الإمام الشافعى على سدلها ثوبها على وجهها بالرغم من أن مذهب الإمام الشافعى – رحمه الله – تحريم استخدام المرأة المُحرمة للنقاب لستر وجهها ، كما في حديث النبى – صلى الله عليه وسلم – الذى أخرجه البخارى عن نافع عن ابن عمر : أنه قال : "قام رجل فقال : يا رسول الله ! ماذا تأمرنا أن نلبس من الثياب في الحرم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم لا تلبسوا القمص ولا السراويل ولا البرانس ولا العمائم ولا الخفاف إلا أن يكون أحد ليست له نعلان فليلبس الخفين وليقطعهما ما أسفل من الكعبين ولا تلبسوا شيئا من الثياب مسه الزعفران ولا الورث ولا تنتقب المرأة الحرام ولا تلبس القفازين" حديث رقم 833 صحيح البخارى .
  • وسبحان الله العظيم وبحمده ، هل فهم أحد من العرب من قول النبى –صلى الله عليه وسلم – "ولا السراويل" أقول هل فهم عاقلٌ من النهى عن لبس السروايل فى الإحرام أن يخرج الرجال المُحرمون مظهرين عوراتهم المُغلظة ؟                أقول إن غاية ما فى الأمر أن الرجال المُحرِمون منهيون عن استخدام السراويل فى ستر عوراتهم ، ولكن يجب عليهم سترها بشئ آخر وهو الإزار الغير مخيط .
  • وكذلك لو نظرنا بعين المتجرد الباحث عن الحق لمجموع الأدلة الشرعية فى هذه المسألة فسنرى واضحاً أن المرأة المُحرمة منهية عن استخدام النقاب لستر وجهها وكذلك هى منهية عن استخدام القفازين لستر كفيها .. وليس معنى ذلك أن يكون الحج موسماً لعرض وجوه النساء على الناس .. وغاية ما يفهمه عقل العاقل هو أن لا تستخدم المرأة المُحرمة النقاب والقفاز ولكنها تسترهما بغيرهما من الوسائل كما  فعلت أمنا الطاهرة المطهرة الصديقة بنت الصديق عائشة – رضى الله عنها وعن أبيها – وكما فعلت نساء الصحابة فى مثل هذه الظروف، وأيضاً كما ذكر الشافعى فى الأم : "إن طافت بالنهار سدلت ثوبها على وجهها"
  • وسبحان الله العظيم : يقول ربنا "إنا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون" – ولله المثلُ الأعلى - وكذلك قول سيد الخلق صلى الله عليه وسلم كلاماً عربياً فصيحاً فقد أوتى – صلى الله عليه وسلم – جوامع الكلم ، وهنا نرى أنه – صلى الله عليه وسلم – ينهى المرأة المحرمة عن لبس النقاب ولبس القفازين ولم يأمرها قط بكشف وجهها وكفيها ، بل نهاها عن استخدام تلك الوسيلتين لستر وجهها كما نهى الرجل المُحرم عن استخدام السروال لستر عورته المُغلظة ، ولكن على المرأة أن تستر وجهها وكفيها بوسيلة أخرى بخلاف الوسيلة التى نُهيت عنها كما وأنه يجب على الرجل ستر عورته بوسيلة أخرى خلاف التى نُهىَ عن استخدامها ، { فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم } (البقرة 213) .
  • وعندما يتحدث الأئمة الثلاثة وغيرهم عن عورة المرأة فإنما يتحدثون عنها في باب الصلاة فيقولون عن المرأة " كلها عورة إلا وجهها وكفيها " ولكن هذه العبارة يتم بترها بتراً من سياقها وإقحامها إقحاماً في باب حجاب المرأة المسلمة ، وحقيقة الأمر أن هذه العبارة ليست إلا حجاب المرأة في الصلاة ، التى تكون فيها بمنأى دائماً عن عيون الرجال الأجانب ، وقد رأينا أنه عند تعرضها لعيون الرجال وجب عليها ستر وجهها وكفيها .
  • وملخص هذه المسألة التى زل فيها الناس إلا من رحم الله : أن من يُدخل تحريم النقاب على المرأة المُحرمة في باب أحكام حجاب المرأة فهو تماماً كمن يفهم من تحريم لبس السراويل على الرجل المُحرم أن عليه كشف عورتيه المغلظتين ، وفى حقيقة الأمر أن هذه كلها محظورات إحرام وليست أحكاماً للحجاب أو اللباس، والله أعلى وأعلم
  • وقد صح وثبت أن أمهات المؤمنين والصحابيات والتابعيات يغطين وجوههن إذا مرت بهن الركبان وهن محرمات في الحج، فقد سُئلت أم المؤمنين عائشة – رضى الله عنها - : "كيف تخمر المرأة وجهها ؟ فأخذت أسفل خمارها فغطت به وجهها"  ( وهذا خبرٌ صحيحٌ أخرجه مسدد بن مسرهد بن مسربل بن مرعبل في مسنده  (وُلد حدود الخمسين والمائة هـ وتُوفىَ سنة ثمان وعشرين ومائتين) ( حدث عنه : البخاري ، وأبو داود ، ومحمد بن يحيى ، وولده يحيى ، وأبو زرعة ، وأبو حاتم ، ويعقوب الفسوي ، ويعقوب السدوسي ، ومعاذ بن المثنى ، وأبو إسحاق الجوزجاني ، وإسماعيل القاضي ، وأخوه  - حماد بن إسحاق ، وابن عمه يوسف القاضي ، وأبو خليفة الجمحي . قال أحمد بن حنبل : مسدد صدوق ، فما كتبت عنه فلا تعد . وقال أبو الحسن الميموني : سألت أبا عبد الله الكتاب لي إلى مسدد ، فكتب لي إليه . وقال : نعم الشيخ عافاه الله . وقال محمد بن هارون الفلاس : سألت يحيى بن معين عن مسدد ، فقال : صدوق . وقال جعفر بن أبي عثمان : قلت لابن معين : عمن أكتب بالبصرة ؟ قال : اكتب عن مسدد فإنه ثقة ثقة . وقال النسائي : ثقة) . 
  • وقد قال الإمام الموزعي الشافعي في كتابه أحكام القرآن : " لم يزل عمل الناس على هذا قديماً وحديثاً في جميع الأمصار فيتسامحون للعجوز في كشف وجهها ولا يتسامحون للشابة، ويرونه عورة ومنكراً، وقد تبين لك وجه الجمع بين الآيتين، ووجه الغلط لمن أباح النَّظر إلى وجه المرأة لغير حاجة، والسلف والأئمة كمالك والشافعي وأبي حنيفة وغيرهم لم يتكلموا إلا في عورة الصلاة فقال الشافعي ومالك : ما عدا الوجه والكفين وما أظنُّ أحداً منهم يُبيح للشابَّة أن تكشف وجهها لغير حاجة، ولا يبيح للشابِّ أن ينظر إليها لغير حاجة " .. تيسير البيان لأحكام القرآن (١٠٠٢/٢) .
  • أما حديث الخثعمية فلا يدل أبداً على جواز كشف المرأة لوجها وقد صح في مسند أبى يعلى عن ابن عباس أن أباها أتى يعرضها على النبي صلى الله عليه وسلم للزواج والكشف هنا جائز فصرف نظر الفضل وبقي هو .. رواه أبو يعلى بسند صحيح .
  • وأما حديث أسماء : - فقد رواه أبو داود عن عائشة رضي الله عنها: أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق، فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم تصلح أن يُرى منها إلا هذا وهذا- وأشار إلى وجهه وكفيه.
  • قال أبو داود هذا مرسل خالد بن دريك لم يدرك عائشة رضي الله عنها. وقال ابن القطان: ومع هذا فخالد مجهول الحال.
  • وقال المنذري: في إسناده سعيد بن بشير أبو عبد الرحمن النصري نزيل دمشق مولى بني نصر وقد تكلم فيه غير واحد.
  • فالحديث لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم .
  • فالحديث يرويه خالد بن دريك عن عائشة ولم يسمعه منها فهو منقطع .. أعله أبو داود والبيهقي وغيرهم .. ثم هو في لباس الصلاة وليس الحجاب .
  • أما الذي نُقل عن أن الإمام الألبانى قال (( صحيح )) فالصوابُ أن الإمام الألباني رحمه الله تبارك وتعالى يصحح الأحاديث بكثرة الطرق . 
  • وقد صح تضعيفه عن العلامة ابن باز رحمه الله  . 
  •  وضعفهُ الإمام ابن عثيمين رحمه الله تبارك وتعالى .
  • ولتفصيل العلل التي وردت في الحديث موضع آخر إن شاء الله وخصوصاً رواية قتادة بن دعامة السدوسي .
  • وإنما صحح الحديث الإمام الألباني - رحمه الله - لطرقهِ ! وهذا هُو منهج الإمام الألباني رحمه الله تعالى أما الروايات فقد وردت الطُرق الثلاثة  وكُلها لا تصح منفردة .. ولو أتينا إلي الشواهد التي تقول أنها تتقوى ببعضها البعض فهذا محل نظر فإن الصحيح عند أهل الحديث أن الضعيف لا يزداد بالضعيف إلا ضعفاً وأسأل الله أن ييسر لنا توضيح ذلك بالتفصيل قريباً 
  • ويقول الإمام ابن عثيمين رحمه الله تعالى عن متن حديث أسماء بأن هذا لا يليق بمقام النبي أن يرى أسماء بنت أبي بكر بهذه الحال ، ولا يليق بها أن تدخل على النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الحال فهذا بحد ذاتهِ مِنْ المنكرات في متن الحديث والذي لأجله إضافة إلي علة السند أعل العلماء الحديث متناً .
  • ثم كيف نصحح الحديث بشواهده وقد انفرد به سعيد بن بشير عن قتادة وخالفهُ الثقة الجليل هشام الدستوائي في روايته عن قتادة ولم يذكر في روايته الزيادة المنكرة عن سعيد بن بشير وكما أشرت فهو ضعيف الحديث وقد ضعفهُ غير واحد من أهل الجرح والتعديل والصحيحُ أنهُ ضعيفٌ عند التحقيق .
  • كما وأن الشواهد التي ذكروا أنها تعضدُ رواية سعيد بن بشير أو تقوي حديث أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - لو نظرنا إليها منفردةً لتبين لنا ضعف الطرق التي وردت فيها فلا تصح ، فالطرقُ هذه لا تخلو من الضعف ومن الشذوذ ومن النكارة
  • وفي النهاية : هذه كتب الأئمة الأربعة مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد بين أيدينا ليس فيها نص يجيز كشف وجه المرأة ومن وقف فليُفد وقول أتباعهم ليس قولاً لهم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

AddThis