الإخوان والإفلاس السياسى

   لقد هرمت قيادات حزب الإخوان المسلمين وشاخت .. وشابت .. وبلغت من العمر عتيّاً .. لكنهم في كل يوم يثبتون للناس وبجدارة واقتدار أنهم لا يزالون يعيشون مرحلة المراهقة والدروشة السياسية المتخلفة .. وفي أغبى صورها ومعانيها .. ولا غرابة إذ من يفقد صفاء المنهج والاعتقاد والتصور .. يفقد الوعي والنضج السياسيين .. ولو عاش قروناً .. ومهما مرت به من أحوال وعركته المواقف والأحداث فهو قليل الاستفادة والاعتبار منها !

 
  ولكى لا يظن ظانٌ أننا نُلقى الكلام على عواهنه كرهاً للقوم فسنضرب لكم أمثلة على ذلك من تاريخ جماعة الإخوان فى مصر وغيرها من الدول وإن الأمثلة على ذلك كثيرة جداً وهى أكبر وأكثر من أن تُحصى وسنرى بوضوح هذه الدروشة والمراهقة السياسية بوضوح تام فى الأمثلة التى سوف نختارها فى هذه المقالة والمقالات التالية لها بإذن الله تعالى.
 وسوف نبدأ مستعينين بالله تعالى مُذكرين بأحداث لا يجب أن تُنسى قد عاشها المسلمون بمن فيهم الإخوان فى سوريا الشام الحبيبة
                          
 عبد الحليم خدام وعلي صدر الدين البيانوني

    المثال الأول : فإن تاريخ الإخوان المسلمين لا يمكن أن ينسى أبداً تحالف الإخوان المسلمين السوريين بقيادة مراقبهم علي البيانوني مع المجرم عبد الحليم خدام فيم عُرِف حينها بما سموه " جبهة الخلاص الوطني " لتحرير سورية .. ولا أظن أنني بحاجة لأن أدلل على بشاعة جرائم " خدام " التي اقترفتها يداه النجستان على مدار ما يزيد عن الأربعين عام بحق الإسلام أولاً .. ثم بحق الشعب السوري المسلم ثانياً .. ثم بحق جماعة الإخوان ذاتها .. فقد كان هذا المجرم الزنيم هو العين واليد والرجل .. لشخص الطاغية الهالك " حافظ الأسد " وحزبه وطائفته .. وقد كان شريكاً له في جميع جرائمه ومجازره التي ارتكبها بحق سوريا أرضاً وشعباً .

واستمر " خدام " يخدم النظام البعثي النصيري الطائفي طوال عهد الطاغية الهالك حافظ الأسد ثم تمتد هذه الخدمات أيضاً لعدة سنوات من عهد الولد " بشار الأسد " الذى وَرِثَ عن جدارة طغيان وكفر وظلم والده .. ثم حين انتهى خيره وعطاؤه .. واختلف مع النظام الحاكم وأزلامه على بعض الغنائم المغتصبة والمنهوبة من الشعب السوري .. لفظته بقية العصابة الحاكمة .. بعد طول تلك الخدمة الوفية .. وما إن تمكن الرجل من الهروب والخروج من سورية .. إلا وقفز إليه الإخوان المسلمون سراعاً فراداً وجماعات .. وكأنهم وجدوا ـ في هذا المجرم ـ ضالتهم الذي سينقذهم من ظلم وطغيان النظام السوري .. ليحدثوا معه ذلك التحالف والتزاوج تحت مسمى " جبهة الخلاص الوطني "، وكان ذلك في عام 2006 م .. فعقدوا معه الندوات والمؤتمرات .. وكأنه فتح من الفتوحات .. والذي به ستُفتح سورية وتحرر من أغلال وظلم النظام الحاكم !
     وللعاقل أن يسأل لماذا فعل الإخوان ذلك؟ هل كانوا يحتاجون لخدمات خدام؟ لا والله إنهم لا يحتاجون لخدامٍ ولا لخدماته بل على العكس تماماً فقد كان " عبد الحليم خدام " يحتاجهم حاجة ماسة حيث أن الرجل بشخصيته وبسيرته ومواقفه الملوثة بمجازر وجرائم حزب البعث النصيري الطائفي .. وبنجاساته التي لا تُطهرها مياه المحيطات والبحار. إذاً فإن خدام بعد كل هذه السيرة الخائنة النجسة .. يحتاج إلى من يطهره وينظفه ويُطليه ويُظهره أمام الرأي العام وأمام الشعب السوري المقهور والمكبل .. أنه معارض شريف .. وأنه الأمل المُرتجى الذي يترقبه الشعب السوري .. وهو لم يجد لهذه المهمة القذرة المقززة سوى الإخوان المسلمين .. المغفلين والدراويش .. الذين قاموا من قبل بعملية غسيل وتنظيف وطلاء مماثلة للأحزاب الشيوعية العلمانية المنبوذة والمجهولة على مستوى الشارع السوري في تحالفهم المشؤوم معها ـ في أوائل الثمانينات من القرن المنصرم ـ فيم يُسمى وعُرِف في حينها بـ " بالتحالف الوطني لتحرير سورية " الذي جمع جميع أطياف الكفر والزندقة والإلحاد على الساحة السورية مع الإخوان المسلمين!.
    
   وبعد أن شاع أمر تحالف الإخوان مع خدام قام اليهود الصهاينة بالعدوان على غزّة   فسارع الإخوان المسلمون السوريون إلى نقض ما اتفقوا وتحالفوا عليه مع "خدّام" في جبهة الخلاص الوطني وأعلنوا عن إيقاف معارضتهم للنظام السوري الحاكم وعن إصدار أي بيان أو كلمة نقد للنظام بزعم دعمهم لجبهة الممانعة والتي يتزعمها النظام البعثي النصيري الحاكم في سورية .. فنسوا ـ أو تناسوا ـ جرائم وخيانات النظام الحاكم بحق سورية أرضاً وشعباً والتي أصموا آذاننا بها على مدار أكثر من أربعين سنة!   
وقد ترتبت على هذه السياسة الإخوانية الخرقاء عدة نتائج كارثية نذكر منها:
    1-  ظهر نظام حافظ الأسد الذى يحكم سوريا بالحديد والنارـ ظهر على أنه نظام شريف وأنه حقيقةً يمثل جبهة الممانعة والمقاومة ضد إسرائيل والإمبريالية العالمية .. وأن ما كان يقوله الإخوان ـ في أدبياتهم ونشراتهم ـ عن هذا النظام طيلة العقود العِجاف الماضية هو مجرد كذب وافتراء.
   2-  استقر فى يقين الناس أن المجرم الزنيم عبد الحليم خدام الرجل المعارض   الشريف .. وأنه ثابت عند موقفه ومعارضته للنظام الحاكم ...!
   3- ظهر الإخوان المسلمون .. على أنهم كذبة وخونة .. ومتذبذبون .. لا قرار لهم .. لا هم مع المعارضة قولاً واحداً ولا هم مع جبهة المقاومة والممانعة والتى يمثلها ويقودها النظام البعثي الطائفي الحاكم في سورية قولاً واحداً ... فخسروا المعارضة والنظام الحاكم سواء وقبل وبعد ذلك والأهم من ذلك أنهم قد خسروا مصداقيتهم أمام شعب سوريا المسلم وأمام كل الشعوب الإسلامية!! 

    
ألم أقل لكم أن الإخوان المسلمين ..رغم تاريخهم الطويل ورغم شيخوختهم .. لا يزالون يعيشون مرحلة المراهقة والدروشة السياسية فى أغبى صورها ؟!

      المثال الثاني : أحداث بشعة دامية مُخزية جرت على أرض العراق ومرت على الناس مرور الكرام فقليل منا من قرأ ما حدث فى العراق قراءة صحيحة.
إن طارق الهاشمي أحد رموز الاخوان المسلمين فى العراق وبعد أن طغت القوات الأمريكية وتجبرت وفاض الكيل من جرائمهم وبعد أن اشتعل القتال الطائفي مع الميليشيات الشيعية التابعة لقوات الاحتلال الأمريكى أو المدعومة من إيران وما صاحب ذلك من جرائم بشعة يندى لها الجبين ارتأى الهاشمي وطائفةٌ من الذين معه أن المقاومة والقتال المسلح ليست هى الحل لمشاكل العراق وطناً وشعباً وأنه من الأصلح نبذ القوة وترك الكفاح المسلَّح والاحتكام إلى السياسة وآليات الديمقراطية التي جاءت قوات الاحتلال الأمريكى لتبشَّر بها.  
فقد أراد الهاشمى ومن معه أن يحافظوا على الدولة العراقية من السقوط وحقن دماء العراقيين التي كانت تسيل أنهاراً وبغزارةٍ في كل يومٍ وفي كلِّ شارعٍ من شوارعهم وقد كان وأتم الهاشمى تأسيس الحزب الإسلامي كواجهةٍ سياسية للإخوان المسلمين فى العراق ثم جاءت الانتخابات التي عُيِّن الهاشمي بعدها نائبًا لرئيس الجمهورية.
وبناء على ذلك فقد قام طارق الهاشمي بالمساعدة في "العملية السياسية" بالقضاء على المقاومة العراقية وإخماد جذوتها وتجريدها من سلاحها فقد قام بإنشاء ما يُسمى بالصحوات وهى لجان تُشكل ويكون عملها وواجبها أن تُرشد كل قبيلة سُنية عن أفراد المقاومة بها الذين يتمسكون بخيار المقاومة ليتم التخلص منهم أو قتالهم إذا لزم الأمر وبالمقابل ضربت القوات الأمريكية بالاشتراك مع بعض الميليشيات التابعة للمالكي ميليشيات مقتدى الصدر التي كانت المنفِّذَ لأعمال قتل السنَّة. 
وقد تم بعد ذلك السيطرة على القتل الممنهج للسنة في العاصمة لكن ذلك كان له مآله الخطير إذا تمت السيطرة على القوة السنية وتحجيمها وتقليم أظافرها ثم تدجينها في عملية سياسية يسيطر عليها نوري المالكي بقواته المسيطرة على الشرطة والأمن ولم ينفع الهاشمي وائتلاف العراقية مثقال ذرة من ذكاء سياسي ونضال اتكأ على الإخلاص والتجرد  ولم ينفع البحث عن التوافقية ـ كل ذلك لم ينفع الهاشمي شيئًا بعد كل ما مر به لقد وصل به الحال قبل أن يؤول مصيره للطرد والملاحقة في إقليم كردستان العراق إلى أن حاصرت الدبابات بيته في المنطقة الخضراء بعد أن استخدموه للقضاء على قوة المقاومة السنية لتنفرد الميليشيات الشيعية بأنواعها بالساحة العراقية بالتعاون مع قوات الشرطة التى يسيطر عليها الشيعة أيضاً.
                                         

    وتذكرنى سياسة الاخوان ومنهم الهاشمي بآخر خلفاء العباسيين في بغداد المنكوبة المستعصم العباسي الذي ورث عن أبيه المستنصر جيشًا قوامه 100 ألف مقاتل استعادت به خلافة العباسيين رونقها وقوتها التي اشتهرت بها في زمن هارون والمأمون والمعتصم لكن المستعصم الذي يمكن أن نصفه بـ"الإسلامي" إذ كان ذا خُلق حميد هو الآخر مستمسكًا بشرع الله متحريًا أوامره كان فقط حسن النية إلى الدرجة التي تماهى فيها خلف وزيره ابن العلقمي الشيعي وبعض خفيفي العقل ممن قدمهم في رأس السلطة وجعلهم مواليه وكان مثل الاخوان اليوم يرى التوافق وتقاسم المناصب والاستعانة بالنصارى والشيعة .. فخفّض ابن العلقمي عدد قوات الجيوش العباسية من 100 ألف إلى بضعة آلاف كان أهل بغداد يعطفون عليهم لفقرهم وعوزهم ثم تراسل مع المغول من الباطن ليخطب ودهم ويشجعهم على احتلال بغداد ولذلك كان من الطبيعي أن يُقتل المستعصم واسرته مع مليونين من المسلمين ويدخل المغول بغداد وتنكب الخلافة العباسية إلى الأبد نتيجة خطأ شرعى وهو تولى غير المسلمين الولايات على المسلمين والثقة فى اليهود والنصارى والشيعة وهو نفس الخطأ الذى يغرق فيه الاخوان حتى الأذان منذ نشأتهم وحتى يومنا هذا .
ألم أقل لكم أن الإخوان المسلمين ..رغم تاريخهم الطويل ورغم شيخوختهم .. لا يزالون يعيشون مرحلة المراهقة والدروشة السياسية فى أغبى صورها ؟!   
   



   المثال الثالث :يوم إقالة عبد الناصر لمحمد نجيب في المرة الأولى عقب انقلاب يوليو 1952م وكان ذلك في فبراير عام 54 وكانت تجربة تؤكد للكل بوادر الانقلاب على الديمقراطية بالكلية لكن سرعان – تحت ضغط الشارع – ما أُرغم عبد الناصر ومن معه لإعادة نجيب مرة أخرى وفي أثناء ذلك خرج الإخوان المسلمون في مظاهرة حاشدة كان قوامها 150 ألفًا حاصرت قصر عابدين وكان على رأسها الدستوري الإخواني عبد القادر عودة الذي كان سببًا في انفضاضها بعد أن وعد عبد الناصر الاخوان بالمشاركة فى الحكم وأنهم سيكونون حزب الثورة ..  الأمر الذي أكد  لعبد الناصر أن القضاء على هذه القيادات قضاء على أي زخم يقاوم مخططه وهذا ما تم بالفعل فقد أُعدم عبد القادر عودة وآخرين معه واعتقل محمد نجيب تحت الإقامة الجبرية وضاع الزخم الثوري والثورة بكاملها لتنتهي مصر إلى الفشل والتبعية للقوى الكبرى ! 
وهذا هو نفس الذى كرروه بعد ثورة يناير 2011م وكأنه نسخة منقولة بالكربون وكأن هؤلاء الناس تُملى عليهم تصرفاتهم من جهة خفية لا يملكون مخالفتها. 
فكل شئ يحدث ويُقال كان يشى بأن العسكر تخلوا عن مبارك لصالحهم هم وليس لصالح الشعب ولكن الإخوان قدموا للعسكر خدمة العمر بأن قاموا بتهدئة الشارع وتدجين التظاهرات وانحازوا وراهنوا على العسكر والدولة العميقة رغم أن كل الناس كانوا يرون غباء مراهنة الإخوان على الدولة العميقة وعلى رجال الجيش بدلاً من أن يراهنوا على الشعب الذى هو القوة الحقيقية التى يمكنها فرض ما تريد على العسكر الذين يحتلون مصر منذ عقود طويلة. 

ولن تجد افضل من وصف اللواء محمد نجيب لهذا الموقف فقد قال فى مذكراته :
الإخوان باعونى وباعوا الديموقراطية مقابل وعود ناصر  ....
مشاعري معهم  مع الإخوان .. رغم أنهم تخلّوا عنّي و عن الديموقراطية ورفضوا أن يقفوا في وجه عبد الناصر إبّان أزمة مارس  بل وقفوا معه وساندوه  بعد أن اعتقدوا خطأ أنهم سيصبحون حزب الثورة  ! وأّنهم سيضحكون على عبد الناصر و يطوونه تحتهم .
فإذا بعبد الناصر يستغلّهم في ضربي وفي ضرب الديموقراطية و في تحقيق شعبية له بعد حادث المنشية .
 إن الإخوان لم يُدركوا حقيقة أوليّة هيَ إذا ما خرج الجيش من ثكناته فإنّه حتماً سيُطيح بكل القوى السياسية والمدنية  ليُصبح هو القوّة الوحيدة في البلد وأنه لا يُفرّق في هذه الحالة بين وفدي وسعدي ولا بين إخواني وشُيوعي .
 وأنّ كل قوّة سياسية عليها أن تلعب دورها مع القيادة العسكرية ثم يُقضى عليها ! لكن .. لا الإخوان عرفِوا هذا الدرس ولا غيرهم استوعبه!
 و دفع الجميع الثمن ..
 
رحمَ الله اللواء محمد نجيب رحمةً واسعةً
 
ألم أقل لكم أن الإخوان المسلمين .. رغم كل ما مروا به ورغم تاريخهم الطويل ورغم شيخوختهم .. لا يزالون يعيشون مرحلة المراهقة والدروشة السياسية فى أغبى صورها ؟!  


                                     


   المثال الرابع : يتمثل في موقف الإخوان المسلمين  من النظام المصري الحاكم ومن الثورة المصرية للشعب المصري المسلم فى 25 يناير 2011  .

الكل يعلم جرائم وخيانات وعمالة النظام المصري الحاكم بقيادة ( اللا مبارك ) وحزبه وحكومته .. وأنه نظام كذاب .. ما صدق شعبه في وعد قطعه لهم .. والكل يعلم كم تعرض الأخوان المسلمين من قبل هذا النظام الحاكم للظلم والاحتقار وسياسة التهميش .. وعدم الاعتراف بهم .. وكيف كان يستغل اسمهم ـ ولا يزال ـ كشماعة تبرر له ـ في أعين المجتمع الدولي والمحلي ـ الاستمرار في حكمه وظلمه وجرائمه بحق شعبه وبلده .. والكل يعلم فلما انتفض الشعب المصري المسلم في وجه الطاغية الحاكم ونظامه .. كان من أبرز وأظهر مطالبهم إسقاط الطاغية ونظامه وحزبه .. ولما أتت انتفاضتهم وثورتهم المباركة أكلها وثمارها .. وتهاوى الطاغية ونظامه .. أو كاد .. يلبي الإخوان المسلمون نداء النظام للتفاوض والتحاور .. للاتفاق والتشاور على بعض الإصلاحات .. كما زعموا !


      نسي الإخوان جرائم وخيانات وعمالة الطاغية ونظامه ...!

      نسي الإخوان الإذلال وما تعرضوا له من ظلم وسجن في عهد هذا الطاغية ونظامه ..!

      نسي الإخوان أن هذا النظام الخائن العميل ـ طيلة أكثر من ثلاثين سنة ـ لم يصدق شعبه في وعد قطعه لهم قط .. وأنه لا يمكن أن يصدق في شيء .. وأنه موجود لخدمة أجندة خارجية لا حظ لشعبه فيها .. وأنه نظام فاسد مهترئ .. عصي على الإصلاح والترقيع !
      نسي الإخوان جرائم النظام الحاكم وبلطجيته الأمنية بحق المتظاهرين سلمياً .. وقتله لمئات من شاب مصر الثائر على الطغيان .. غير الآلاف من الجرحى !
      نسي الإخوان أن المطلب الأساس والأول للشعب المصري الثائر والمتظاهر يتمثل في إسقاط الطاغية ونظامه ...!

نسي الإخوان المسلمون .. أن الطاغية عمر سليمان نائب الطاغية اللا مبارك .. ورئيس المخابرات والبلطجية المصرية .. هو السجَّان .. وهو مهندس حصار النظام المصري لأهلنا في غزّة .. وهو مهندس الجدار العازل .. وهو مهندس جميع جرائم الطاغوت ونظامه !


      بهذه السرعة الفائقة ..  ينسى الإخوان المسلمون كل ذلك .. ليلبوا نداء الطاغية ونظامه الساقط للتحاور والتفاوض .. ليجلسوا مع رئيس جهاز المخابرات والبلطجية .. عساهم بذلك يجهضوا الثورة .. ويمكنهم من الالتفاف على مطالب الشباب ـ الأبطال المعتصمين في ميدان التحرير ـ العادلة والمتمثلة في إسقاط الطاغية ونظامه .
                                                                                                      

      قال الإخوان المسلمون ـ على لسان بعض قياداتهم ـ  بكل سذاجة وبساطة .. على الشعب المصري الثائر والمعتصم في ميدان التحرير أن ينصرفوا لأعمالهم وأشغالهم .. فإذا لم يتم تنفيذ مطالب الثورة فليعودوا للتظاهر  .. فنسوا ـ أو تناسوا ـ أن الشعوب إذا انصرفت لأشغالهم الخاصة .. وشؤون معاشهم .. وانغمسوا في الدنيا ومشاغلها .. صعب عليهم أن يعودوا من جديد للثورة والانتفاضة والتظاهر من جديد .. وبنفس الزخم والقوة التي هم عليها  .. وهذا الذي يريده الطاغية ونظامه من وراء هذه الدعوة المشبوهة التي ظاهرها الرحمة وباطنها الشر والمكر!

    أيما محاولة ـ  تحت مسمى التفاوض والحوار أو أي زعم آخر ـ تعطي النظام الطاغي فرصة لالتقاط أنفاسه .. وتجميع أوراقه المشتتة عليه .. هي خيانة عظمى لشباب الميدان الذين كانوا مرابطين في التحرير .
   ولما وجد الإخوان أن الشباب المعتصم في الميدان ومن ورائهم الشعب المصري .. لن يلتفتوا لمفاوضات الإخوان مع الجلاد المجرم .. وأن الشعوب قد تلفظهم كما لفظت النظام ذاته .. خافوا .. فعادوا يرقعون .. ويصلحون ما أفسدوه .. ليُصرحوا من جديد أنهم مع مطالب الشعب في إسقاط النظام  !!
    ما أكثر ما سمعنا من قيادات الإخوان المسلمين في هذه المرحلة العصيبة التي يمر بها الشعب المصري .. نحن لسنا طلاب سلطة ولا مناصب .. ولا ولن نسعى للحكم والرئاسة .. والسلطة .. فيُظهرون هذا الزهد الكاذب والورع البارد .. في وقت تلتمس فيه الشعوب القيادات الصادقة التي تقدر على أن ترقى إلى مستوى مطالبها وهمومها .. فلا تجد سوى شِلة  من الزنادقة العلمانيين والإباحيين !

    ينأون بأنفسهم عن السلطة والحكم .. والمناصب .. كما يزعمون ويصرحون مراراً .. تاركين الساحة فارغة وسهلة الامتطاء للزنادقة العلمانيين والإباحيين !

    ولنا أن نسألهم : لماذا إذا تجمّعون الجموع والشباب حولكم وتحزبون الناس لكم منذ أكثر من ثمانين عاماً .. ولصالح مَن ؟!
    لصالح من تقتلون وتحجمون طموحات من ينضم إليكم من الشباب .. في أن يحكموا أنفسهم والبلاد بدين رب العباد ؟!

    لصالح مَن تُظهرون هذا الورع والزهد في السلطة والمناصب ...؟!


    قال المراقب العام الجديد للإخوان المسلمين السوريين في مقابلة له مع " BBC " لما سأله السائل ما هي مطالبكم وماذا تريدون من النظام السوري كإخوان مسلمين ... بعد هذه العقود من الهجرة والمطاردة ؟
    قال
بكل بساطة وسذاجة : أن يسمح النظام لنا أن نعود إلى سورية ولو بصورة فردية لنمارس الدعوة ... لا نريد سلطة ولا شيء .. فقط نطلب منه أن يسمح لنا أن نمارس الدعوة

     ألم أقل لكم أن الإخوان المسلمين .. رغم شيخوختهم .. ورغم كل ما مر بهم من أهوال .. ورغم اهتراء عظامهم في السجون .. لا يزالون يعيشون فى طور المراهقة والدروشة السياسية .. وأنهم لا يمكن أن يرقوا بأنفسهم أبداً إلى مستوى طموحات وهموم الأمة والشعوب .. وأنهم لا يتعلمون أبداً مما يمرون به من محن وابتلاءات .. وأنهم قد أدمنوا تقبيل الأيدي التي تجلدهم وتسجنهم .. والطواغيت قد علموا عنهم ذلك .. لذلك فليس للإخوان عندهم سوى الجلد والسجن والمطاردة وهتك الأعراض ومصادرة الأموال .. ولا يلوموا إلا أنفسهم .. وإن كان حزني يشتد .. فهو يشتد على شبابٍ لا يزال يرى في هذه الجماعة العجوز العقيم ملاذاً آمناً لطموحاته وآماله .. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
أما خرافة التوافق والمشاركة لا المغالبة والتى تدل على غباء سياسى فج فأهدى إليكم مقالة لشاب صغير السن { خالد حربى } ولكنى أراه كبير العقل والخبرة فقارنوا فكر هذا الشاب بفكر شيوخ الاخوان وقياداتهم :

ففى مقال للإستاذ / خالد حربى ترى مثالاً واضحاً على ما سبق فتأمل :

الدعوة لانتخاب رئيس توافقي دعوة متهافتة  فاسدة ورغم أن أصحابها ألبسوها ثياب المصلحة والواقعية إلا أن أسرع ضربة لها جاءت من الواقع

ففي تونس التي تكرم الإسلاميون فيها على العلمانيين بالرئاسة عملاً بمبدأ التوافق – قوبل هذا الكرم الزائد أو الساذج بمنتهي التحجر والتعسف حيث لم يتحمل الرئيس زيارة داعية إسلامي ذو شعبية للبلاد وراح يسب ويتوعد .

تونس - التوافقية - اشتعلت ناراً حاميةً بسبب كلمة للشيخ وجدي عن شرعية ختان الإناث – وحزب النهضة الذي اتسع صدره للتنازل عن رئاسة الجمهورية لواحد من اكبر المستهزئين بالله ورسوله – لم يتسع هكذا  لزيارة داعية مضطهد طريد لأجل كلمة الحق التي يأبى إلا أن يصدع بها .

كلمة توافقي التي يطرحها البعض هنا هي كلمة مضللة لا معني لها سوى حراسة مسلحة لعلمانية الدولة وإبقاء الإسلام غريبا في بلاده حبيساً فى المسجد إلى حين ثم حبيساً في الصدور إلى الأبد .

رئيس توافقي يعني محمد على باشا وعبد الناصر وحافظ الأسد مرة أخرى وهو ما يعني أيضا مذبحة القلعة والسجن الحربي  ومأساة حماة .

رئيس توافقي يعني إفساح المجال وإعطاء الوقت وتوفير الفرصة لمذبحة جديدة تستأصل الإسلاميين وأفكارهم من الشارع لتزرعهم في السجون والمعتقلات مرة أخرى .

الدعوة لرئيس توافقي ليس دعوة جانبها الصواب في قراءة الواقع والتاريخ وحسب

ولكنها دعوة خائنة غادرة تمسك برقبة الأمة لتضعها تحت حذاء عدوها السفاح الممسك بسكينه القاسي .. انتهى

فتأمل معى هذا الكلام من هذا الشاب الذى أظنه لم يبارح عامه الثلاثين إلا قليلاً . أقرأ هذا الكلام فى ضوء ما فعله السيسى فى المسلمين وفى مساجد المسلمين ونساء المسلمين من استباحة الدماء والأعراض والدماء والقتل بالجملة لمجرد الهوية ، وقارن بين عقل وعمق فهم هذا الشباب وبين شيوخ قيادات الإخوان بسطحيتهم وسذاجتهم بل وغبائهم الشديد ،  فلم يكن طغاة مصر يوم 11 فبراير 2011 يحتاجون لأكثر من الوقت ليستعيدوا سيطرتهم على رقاب العباد فى مصر ولم يكن فى مقدور أحد يومها أن يقوم بهذه المهمة القذرة سوى جماعة الإخوان التى أخلت الميادين للقوات المسلحة كى تقوم بكل ما تملك من أجهزة مخابرات وأمن وبلطجية للقضاء على أى فعاليات شعبية بعد أن يحرمها الإخوان من الزخم والدعم الشعبى الواسع فتخرج هذه الفعاليات فى أعداد قليلة يسهل على قوات الجيش والشرطة والبلطجية القضاء عليهم وسحلهم كما فى أحداث البالون ومجلس الوزراء ومحمد محمود ووزارة الدفاع ، وغيرها ، ثم جاء دور الإخوان كما جاء دور الشيخ عبد القادر عودة من قبل ، ليعود الإخوان من جديد للإعتقالات والإقصاء والتشويه وهو الدور الذى يجيدونه بامتياز ولكنهم يجرون معهم كل من يحمل سمتاً أو هيئة إسلامية شرعية فحسبنا الله ونعم الوكيل

 ألم أقل لكم أن قيادات حزب الاخوان المسلمين قد هرمت وشاخت .. وشابت .. وبلغت من العمر عتيّاً .. لكنهم في كل مرة يثبتون بجدارة عالية، أنهم لا يزالون يعيشون مرحلة المراهقة والدروشة السياسية المتخلفة .. وفي أغبى صورها ومعانيها .. ولا غرابة إذ من يفقد صفاء المنهج والاعتقاد والتصور .. يفقد الوعي والنضج السياسيين .. ولو عاش قرناً .. ومهما عركته الأحداث فهو قليل الاستفادة والاعتبار منها!

                                                                         
                                      

                                                                   
إلى كل طارق هاشمى مصرى

الإفلاس السياسى لا يختص به إخوان مصر فقط ولكن فى كل مكان تواجدوا فيه وهنا مثال عن إخوان العراق فتأملوه ..
   نتعلم من التاريخ أن أحدًا لم يتعلم من التاريخ كذا قال أحد الحكماء قديمًا وكذا نُصِر على إثبات صحة مقولته يومًا بعد يوم وحادثًا بعد حادث برغم دلالة ذلك على ضعفٍ في عقولنا وقصورٍ في ذاكرتنا ولو أن الأمر يتعلق بشيءٍ كان في الماضي السحيق ثم فاتنا أن نتعلم منه لربما التمسنا لأنفسنا حينها بعض العذر ولكن كيف بما يجري في يوم الناس هذا وأمام أعينهم هذه ؟

طارق الهاشمي بالمناسبة أحد رموز جماعة الإخوان المسلمين في العراق ووصل عبر العملية السياسية إلى أحد أعلى المناصب في الدولة العراقية  وهو منصب نائب رئيس الجمهورية مدة خمس سنواتٍ كاملة منذ 2006 إلى آخر 2011 حين لاحت بوادر أزمة جديدة بينه ورئيس الوزراء  نوري المالكي أشهر المالكي على إثرها من جعبته تهمًا تتعلق بعلاقةٍ مزعومةٍ للهاشمي بـ (الإرهاب) بمفهوم نوري المالكي وبالمقاومة في نظر آخرين ثم أصدرت السلطات القضائية أمرًا بضبطه وإحضاره فما كان منه سوى أن فرَّ إلى الأراضي الكردية التابعة من الناحية الافتراضية لدولة العراق .

هذا هو ملخص ما جرى وما يجري فماذا يكون طارق الهاشمي إذن وماذا فعل ؟
كتب د. محمد يسرى سلامة يقول:

حدثني علامة العراق وأستاذي الدكتور بشارعواد معروف أحد أبرز علماء التاريخ والحديث العراقيين أن الهاشمي باعتباره ضابطًا سابقًا في الجيش العراقي كان من أول مَن نظَّم المقاومة السُّنية المسلحة في بغداد وعموم العراق بعد الاحتلال الأمريكي سنة 2003 هو وعدد من الشخصيات النافذة في مجتمع السنَّة ومن بينهم محمود المشهداني الذي صار رئيسًا للبرلمان العراقي فيما بعد والذي كان حينها - عند بدء المقاومة - ممثلاً عن سلفيي العراق  !
ثم بعد احتدام جرائم الاحتلال العسكري الأمريكي واشتعال القتال الطائفي مع الميليشيات الشيعية التابعة له أو المدعومة من إيران وما صاحب ذلك من جرائم بشعة رأى الهاشمي وطائفةٌ من الذين معه أن المقاومة ليست الحل وأنه من الأفضل نبذ القوة وترك الكفاح المسلَّح والاحتكام إلى السياسة وآليات الديمقراطية التي بشَّر بها الأمريكيون لا لشيءٍ سوى أنهم أرادوا حفظ الدولة العراقية من السقوط وحقن دماء العراقيين التي كانت تسيل بغزارةٍ في كل يومٍ وفي كلِّ شارعٍ من شوارعهم. وكان تأسيس الحزب الإسلامي كواجهةٍ سياسية لإخوان العراق ثم كانت الانتخابات التي عُيِّن الهاشمي بعدها نائبًا لرئيس الجمهورية .
والحقُّ أن الرجل قد تعرض لمحنٍ شديدةٍ ومحاولاتٍ قاسية من بعض الميليشيات الشيعية لجرِّه إلى القتال مرةً أخرى ودفعه للتخلي عن النهج السلمي الذي اختاره وتمثل ذلك في اغتيال ثلاثةٍ من أشقائه تباعًا في عامٍ واحد، لكنه آثر أن لا يتحرى عن قتلة أشقائه لينتقم لهم كي لا يكون سبباً في نشر ثقافة الانتقام والثأر بين أبناء وطنه وهو موقفٌ يُحسب له من دون شك ويدل على إخلاصه وتجرده لكن الإخلاص أمرٌ وإصابة الحق أمرٌ آخر .
كان العراقيون السنَّة حينها يُقتلون في بغداد على الهوية ما أدى إلى انخفاض عدد السنَّة فى بغداد إلى 15% من سكانها بسبب هذا القتل. وبسبب أن بغداد هي المركز خطَّط الهاشمي لإعادة السنَّة إليها من أجل (الانتخابات وكان ذلك يقتضي تأمين عودتهم من قِبَل القوات الأمريكية فأبرم الهاشمي عندئذٍ اتفاقًا مع امريكا والحكومة الشيعية كي توقف القتلَ على الهوية كي يعود السنَّة إلى بغداد من أجل الانتخابات .
وحدث بالفعل ما لم يكن لأحدٍ أن يفهمه آنذاك وضربت القوات الامريكية بالاشتراك مع بعض الميليشيات التابعة للمالكي ميليشيات مقتدى الصدر التي كانت المنفِّذَ لأعمال قتل السنَّة وفي المقابل قام الهاشمي وجماعته بالاتفاق مع شيوخ العشائر السنية على إنشاء (الصحوات) في مناطقهم أي أن يصبحوا (مرشدين) على أفراد المقاومة فيها وأن يساعدوا في قتالهم عند اللزوم .

وكانت النتيجة أن توقف القتل الممنهج لأهل السنَّة في بغداد وعادوا إليها لكنهم مع ذلك لم يزيدوا عن 47% من سكانها أي بقوا أقليةً كما كانوا. ثم كانت النتيجة أيضًا الإجهاز التدريجي على المقاومة عن طريق الجيش الأمريكي والشرطة العراقية الشيعية بمعاونة الصحوات التى انشأها الهاشمى  وكان من جراء ذلك سيطرة الشرطة الشيعية العراقية على المحافظات السنية تماما ففقد السنَّة استقلالهم وأمنهم حتي في محافظاتهم .
والهاشمي -اليوم- مطلوبٌ القبض عليه و (كلُّه بالدستور والقانون) كما يقولون لأن دوره قد انتهى ولأن المالكي قد سئم لعبة التوازنات السياسية والطائفية وقرَّر الاستئثار بالسلطة بعيداً عن السنَّة من عربٍ وأكراد ولوَّح بحكم الأغلبية ما يعني أن تصبح العراق دولةً شيعيةً رسميًّا يكون السنة فيها مجرد أقلية دينية.
فلم يشفع للهاشمي كونه نائبًا لرئيس الجمهورية ولا عصمه الدستور العراقي الذي كتبه بعنايةٍ فائقةٍ أكبر الفقهاء الدستوريين التابعين لـ { بول بريمر} الحاكم العسكري الأمريكي الأسبق للعراق وهو بالمناسبة كذلك حاكم عسكري لم يكن يرتدي زيًّا عسكريا ولكن بدلةً أنيقةً مصحوبة بابتسامة حالمة .
ولم تحم الهاشميَّ (دولةُ القانون) التي هي في الوقت نفسه اسمٌ للائتلاف الذي يتزعمه نوري المالكي بما أن الشيء بالشيء يُذكَر .
وأود الآن أن أتوجه بسؤالي هذا إلى كل (طارق هاشمي) يُعاد إنتاجه الآن في مصر: ماذا نتعلم من التاريخ ؟
أما أنا فلا أدري ربما أن أحدًا لم يتعلم من التاريخ؟






بين إخوان مصر وإخوان العراق

يمكن لمن لا يعرف سيرة طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية العراقية أن يرجع لموقع "ويكيبيديا" ليعرف من هو الرجل الذي انتقل من السلك العسكري إلى الجبهة الإسلامية وخاصة جماعة الإخوان المسلمين لينظم من خلالها المقاومة السنية في مواجهة المحتل الأمريكي وأذنابه من طوائف الداخل ثم إلى ائتلاف العراقية بقيادة إياد علاوي مقتًا منه للتخندق الطائفي برغم ما لحقه من أوصاف الانتهازية والبحث عن المصلحة الذاتية  .
لقد كتب الدكتور محمد يُسري سلامة المتحدث السابق لحزب النور السلفي في مصر مقالاً مهمًا عن تجربة طارق الهاشمي قائلاً فيه : "بعد احتدام جرائم الاحتلال العسكري الأمريكي واشتعال القتال الطائفي مع الميليشيات الشيعية التابعة له أو المدعومة من إيران وما صاحب ذلك من جرائم بشعة رأى الهاشمي وطائفةٌ من الذين معه أن المقاومة ليست الحل وأنه من الأفضل نبذ القوة وترك الكفاح المسلَّح والاحتكام إلى السياسة وآليات الديمقراطية التي بشَّر بها الأمريكيون لا لشيءٍ سوى أنهم أرادوا حفظ الدولة العراقية من السقوط وحقن دماء العراقيين التي كانت تسيل بغزارةٍ في كل يومٍ وفي كلِّ شارعٍ من شوارعهم. وكان تأسيس الحزب الإسلامي كواجهةٍ سياسية لإخوان العراق ثم كانت الانتخابات التي عُيِّن الهاشمي بعدها نائبًا لرئيس الجمهورية والحقُّ أن الرجل قد تعرض لمحنٍ شديدةٍ ومحاولاتٍ قاسية من بعض الميليشيات الشيعية لجرِّه إلى القتال مرةً أخرى ودفعه للتخلي عن النهج السلمي الذي اختاره، وتمثل ذلك في اغتيال ثلاثةٍ من أشقائه تباعًا في عامٍ واحد، لكنه آثر أن لا يتحرى عن قتلة أشقائه لينتقم لهم، كي لا يكون سبباً في نشر ثقافة الانتقام والثأر بين أبناء وطنه، وهو موقفٌ يُحسب له من دون شك، ويدل على إخلاصه وتجرده، لكن الإخلاص أمرٌ، وإصابة الحق أمرٌ آخر".
صدق الدكتور يُسري وإصابة الحق شيء آخر وبعد 4 أعوام كاملة في منصبه وفي ديسمبر الماضي حدثت تفجيرات بجوار البرلمان العراقي بالتزامن مع مرور رئيس الوزراء العراقي "الشيعي" نوري المالكي، وبعد البحث والاستقصاء والتحري و"التلفيق" على ما يبدو، واستنطاق الشهود تحت الإكراه والتعذيب والتهديد – بحسب الهاشمي نفسه – تم إلصاق التهمة بنائب الرئيس العراقي الإخواني السابق وتحول الرجل بقدرة قادر وبين عشية وضحاها إلى عدو الوطن وقائد الإرهاب ومن ثم التشهير به على تلفزيون "العراقية" الرسمي وغيره.
لم ينفع الإخلاص والتجرد والبحث عن التوافقية الهاشمي شيئًا بعد كل ما مر به لقد وصل به الحال قبل أن يئول مصيره للطرد والملاحقة في إقليم كردستان العراق إلى أن حاصرت الدبابات بيته في المنطقة الخضراء أهم مناطق التمركز السياسي في العاصمة بل وأقواها من ناحية السيطرة الأمنية بل وصل به الحال إلى "البهدلة" السياسية وعدم إعطائه الحصانة القانونية التي من المفترض أن يتمتع بها من هم دونه في المنصب والمكانة وقال في مؤتمر صحفي إثر هذه الاتهامات إنه كان "محاصرًا في المنطقة الخضراء منذ شهرين وأن بيته دوهم وصودرت حواسيب ووثائق". بحسب تقرير أعدته بي بي سي العربية في 20 ديسمبر الماضي بعنوان "الهاشمي ينفي الاتهامات الموجهة إليه".
لقد ساعد طارق الهاشمي في "العملية السياسية" بالقضاء على المقاومة العراقية وإنشاء ما يُسمى بالصحوات، وتعني أن تُرشد كل قبيلة سُنية عن أفراد المقاومة بها ليتم التخلص منهم أو قتالهم إذا لزم الأمر وبالمقابل ضربت القوات الأمريكية بالاشتراك مع بعض الميليشيات التابعة للمالكي ميليشيات مقتدى الصدر التي كانت المنفِّذَ لأعمال قتل السنَّة تم بعدها السيطرة على القتل الممنهج للسنة في العاصمة لكن ذلك كان له مآله الخطير إذا تم السيطرة على القوة السنية وتحجيمها وتقليم أظافرها ثم تدجينها في عملية سياسية يسيطر عليها نوري المالكي بقواته المسيطرة على الشرطة والأمن ولم ينفع الهاشمي وائتلاف العراقية مثقال ذرة من ذكاء سياسي ونضال اتكأ على الإخلاص والتجرد!
في مصر يتناسى إسلاميوها الذين يسيرون على درب الهاشمي كل هذه التجارب وآخرها تجربة الهاشمي الإخواني في العراق وهي تجربة مثيرة ومهمة إنهم يتذرعون بأن البرلمان الذي هم أغلبيته سيحميهم من أي غدر أو انقلاب أو ابتزاز وتناسوا أن الهاشمي نائب لرئيس دولة العراق يقولون لأنصارهم لن نختار رئيسًا إسلاميًا قويًا لأن أمريكا والقوى الدولية ستضغط علينا وتجعلنا مثل حماس في غزة وكأن حماس في تقييم ساذج واختزال مخل أضحت مضربًا للمثل في الفشل والاندحار!!
إنهم يتناسون لحظة فاصلة في تاريخ الوطن تجمعت فيها المعطيات الغالية التي لم يكن أحد ليحلم بها منذ أشهر قليلة فقط لحظة تشبه ظهور المذنبات النادرة التي تتجلى للفلكيين كل عشرات السنين لحظة زخم ثوري مع سقوط بعض أركان النظام الفاسد مع صعود التيار الإسلامي مع ترنح الاقتصاد العالمي الذي يكبل كل طواغيت الخارج في التدخل المباشر في الشئون الداخلية كل هذه المعطيات يتم تجاهلها وهدرها والدوس عليها لصالح إعادة ترميم النظام القديم بإرهاب أو ابتزاز أو صفقات أو غباء الآن الشعب يريد رئيسًا قويًا يطهر كل المؤسسات والأفراد الفاسدون ويقطع كل صلة بالنظام البائد أيًا كان موقعه ويبدأ بداية نقية ينفذ فيها إستراتيجية الثورة و"الشعب يريد"، وإسلاميونا يرون اللحظة لم تحن بعد فما أعجب من يريد الذهاب للإسكندرية فيركب قطار أسوان !!
ثمة تجربتان مهمتان مرت بهما الحركة الشعبية الإسلامية في مصر لو تم استغلالهما لتغير شكل مصر وربما شكل المنطقة بأسرها ولا أدري كيف لا ينظر إسلاميو مصر لهما : الأولى حينما احتلت قوات نابليون بونابرت مصر في يوليو عام 1798م لتجد مقاومة وثورة استمرت منذ أول يوم وحتى خروج بونابرت وجيوشه خائبة مدحورة بعد ثلاث سنوات فقط وكان زعيم هذا الزخم الثوري شيخ المقاومة الشعبية الأزهري الإسلامي عمر مكرم لقد بحث عمر مكرم عن قائد "توافقي" يبدو منه الصلاح ويثق فيه ليسلم إليه مصر فأعطاها لمحمد علي الذي لم يكونوا يعرفون تاريخه وأخلاقه على سبيل القطع واليقين فتسلمهما محمد علي ليحطم المجتمع المدني المصري ويقضي على طبقة المماليك فيه وينفي عمر مكرم وقادة المقاومة الشعبية بل ويجمع السلاح من المصريين ليتم السيطرة على مصر وتُغير البنية الاجتماعية فيها ويصبح المصري ذليل وأسير الدولة المركزية المستبدة إلى الآن فماذا لو اختار عمر مكرم أحد قادة الثورة الفعليين ليكون رئيسًا لمصر بل ماذا لو عرض نفسه هو ليكون واليًا على مصر هل كان سيجد ممانعة وماذا ستكون النتيجة غير نهضة حقيقية مصرية يقوم بها أهل مصر ربما لتغير التاريخ ولم نكن سنرى الاحتلال الانجليزي الذي استمر 70 عامًا متصلة وما بعده من حقبة استبدادية طويلة  !!
والتجربة الثانية كانت في إقالة عبد الناصر لمحمد نجيب في المرة الأولى عقب انقلاب يوليو 1952م، وكان ذلك في فبراير عام 54 وكانت تجربة تؤكد للكل بوادر الانقلاب على الديمقراطية بالكلية لكن سرعان – تحت ضغط الشارع – ما أُرغم عبد الناصر ومن معه لإعادة نجيب مرة أخرى وفي أثناء ذلك خرج الإخوان المسلمون في مظاهرة حاشدة كان قوامها 150 ألفًا حاصرت قصر عابدين وكان على رأسها الدستوري الإخواني عبد القادر عودة الذي كان سببًا في انفضاضها الأمر الذي أكد لعبد الناصر أن القضاء على هذه القيادات قضاء على أي زخم يقاوم مخططهم وهذا ما تم بالفعل فقد أُعدم عبد القادر عودة وآخرين معه واعتقل محمد نجيب تحت الإقامة الجبرية وضاع الزخم الثوري والثورة بكاملها لتنتهي مصر إلى الفشل والتبعية للقوى العظمى!
مع كل هذا التاريخ لا أفهم كيف يطاوع الإسلاميون أنفسهم بتجاهله، كيف يسعون كما جاء على لسان عصام العريان القيادي الإخواني ورئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب بإنشاء مجلس للدفاع الوطني قد يكون للعسكر القيادة فيه سائرين على النموذج التركي قبل 80 عامًا بل كيف لا يقفون خلف مرشح إسلامي قوي يتلافى كل هذا التاريخ الكريه ويحقق أخيرًا ما حلمت به الجماهير منذ عمر مكرم قبل مائتي عام كاملة ؟!
يؤكد التاريخ لنا أن القوة – أيًا كان نوعها وظروفها - أصل السيطرة ومن حاد أو تنازل عن قوته لخصمه فلا يلومن إلا نفسه .

 --------------------------------------------------------------------------------------------------------
العنوان الأصلى : بين إسلاميى مصر وهاشمى العراق - محمد شعبان ايوب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

AddThis