خطيئة كبرى لجماعة الإخوان المسلمين

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقد كان خطأ جماعة الإخوان الأكبر هو التقارب مع الروافض الذين صارت عقائدهم المنحرفة وخطرهم وخيانتهم شبه معلومة عند الأكثر، وتبين لهم ذلك "حرب الخميني في العراق - موالاة الاحتلال الأمريكي للعراق وقتلهم لأهل السنة بذبح وحرق واغتصاب للنساء، بل وصار الحكم لهم بعد أن كانت العراق دولة سُنية - مساندة بشار إلى الآن وما نتج عن ذلك من مقتل أهل السنة وتشريدهم وخراب بلادهم".


ناهيك عن محاولات الإخوان للتقارب التي باءت بالفشل، وبعضهم بعد خوضه التجربة كتب محذرًا، لكن دون جدوى!

ولا يزال هذا الخطأ يُرتكب، ولكن اليوم بصورة أخطر سيبوءون بإثمها إن لم يفيقوا، بل ومن علامات عدم التوفيق والمآل هو السقوط كما رأينا في تاريخنا المسطور في دولة الإخوان الآن من حفاوة بالغة بالمجرم "نجاد"، ووزير سياحة يذهب للإتيان بالروافض لزيارة الأضرحة وممارسة الشرك بالله على أرض التوحيد، ومِن ثَمَّ نشر الرفض وسب الصحابة، وتهديد السلم والبنية الاجتماعية، وقد ارتفعت أصوات الناصحين محذرة، لكن لا حياة لمن تنادي!

وهذا من أعجب العجب! أن يبصر الإنسان عدوه ويرسل الله له من يعرفه إياه فيصر على العمى وأنه ليس بعدو له!

والسر في ذلك هو الخلل المنهجي عندهم، وهو قول المرشد المؤسس "حسن البنا "-رحمه الله- عندما سألوه عن مدى الخلاف بين أهل السنة والشيعة؟ فنهاهم عن الدخول في مثل هذه المسائل الشائكة التي لا يليق بالمسلمين أن يشغلوا أنفسهم به، والمسلمون على ما ترى من تنابذ يعمل أعداء الإسلام على إشعال ناره، فقلنا لفصليته -أي التلمساني-: نحن لا نسأل عن هذا للتعصب أو توسعة لهوة الخلاف بين المسلمين، ولكن نسأل للعلم؛ لأن ما بين السنة والشيعة مذكور في مؤلفات لا حصر لها، وليس لدينا من سعة الوقت ما يمكننا من البحث في تلك المراجع" (اهـ من كتاب "موقف العلماء المسلمين من الشيعة والثورة الإيرانية ص14").

ومما لا شك فيه أن المرشد لم يكن يعلم أن منكر الولاية كافر عندهم، وأن موالاة أبي بكر كفر كما قال الخميني في كتاب الأربعين ص511: "لا يقبل الإيمان بالله ورسوله من دون الولاية" اهـ.

وإن كان معذورًا فلا يُعذر أتباعه إلى اليوم في هذا التقليد الأعمى الذي نُهينا عنه، قال -تعالى- عن سبب ضلال الأمم: (بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ) (الزخرف:22)، هكذا بدون بصيرة! أما الاتباع الصحيح فهو ألا يقدم كلام أي أحد كائنًا من كان على كلام الله وكلام رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وأن كل أحد يؤخذ من كلامه ويترك إلا الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وأن كلام العلماء يستدل له لا به.

وهذا التبرير عممته الجماعة فيما بعد عند أي خلاف معها، فحرَموا أنفسهم من كثير من السنة، ووقعوا في أخطاء سياسية خطيرة كالتي نحن بصددها!

يقول التلمساني -المرشد الثالث:- "إن التقريب بين الشيعة والسنة واجب الفقهاء الآن!"، وقال: "ولم تفتر علاقة الإخوان بزعماء الشيعة فاتصلوا بآية الله الكاشاني واستضافوا في مصر "نواب صفوي"، كل هذا فعله الإخوان لا ليحملوا الشيعة على ترك مذهبهم، لكنهم فعلوه لغرض نبيل يدعو إليه إسلامهم وهو محاولة التقريب بين المذاهب الإسلامية إلى أقرب حد ممكن" اهـ، ويقول أيضًا: "وبعيدًا عن كل الخلافات السياسية بين الشيعة وغيرهم فما يزال الإخوان المسلمون حريصين كل الحرص على أن يقوم شيء من التقارب المحسوس بين المذاهب المختلفة" (اهـ من مجلة الدعوة العدد "105").

وهذا يفسر لنا هذه الرغبة المحمومة الآن للمسارعة في الشيعة! وهذا كله نتيجة هذه الكلمة الخطيرة التي صدرت من الشيخ "البنا"، وعدم حيدهم عنها حتى بعد تحذير من اطلع منهم على بواطنهم كالدكتور "مصطفى السباعي" والشيخ "سعيد حوى" الذي زار الخميني ثم لما تبين له مذهبهم كتب محذرًا: "الخمينية شذوذ في العقائد وشذوذ في المواقف".

يقول: "لقد تتابعت حلقات مخطط الرفض الرهيب في إفراغ التشيع من محتواه الحقيقي ووضعه في موقع مضاد للإسلام وعقيدته وهدم أركان العقيدة الإسلامية من نفي للتوحيد، وادعاء بتحريف القرآن، وإنكار للسنة النبوية سيما السابقين منهم كأبي بكر وعمر وعثمان وخالد وأبي عبيدة ونحوهم، والتقرب إلى إلههم بلعنهم وسبهم، فضلاً عن قولهم بترهات وضلالات وروايات اخترعوها تنفِّر العاقل من الدين وتنزل بالعقل من سماء الحكمة إلى حضيض الحيوانية العجماء كالقول بعصمة الأئمة، والنص من الله بتعيينهم خلفاء في الأرض، يحرمون ويحللون كيف يشاءون، والإيمان بالمهدوية والنيابة عنهم، وجواز البداء على الله -تعالى الله عما يقولون-، وضرورة الكذب باسم التقية، وإباحة النساء باسم المتعة، وإهانة المرأة بوطئها في دبرها، والإساءة إلى آل البيت حينما يصورونهم فاقدي الشجاعة والجرأة في طلب الحق وإظهاره، متبعين لسياسة إخفاء الحق لأجل مصالحهم الدنيوية -أعاذهم الله من ذلك-، مستبيحين لدماء المسلمين وأموالهم وحرماتهم ومقدساتهم.
ويلاحظ أن جملة كبيرة من الحركات الهدامة قد تبنت كل هذا الشذوذ، ومكنت له بقوتها وأموالها وإرهابها، مثل: القرامطة والخرمية والبابكية، وما قام به البويهيون والعبيديون -الفاطميون-، والحشاشون والصفويون من جهد منظم لأجل إشاعة هذه الترهات وتدوينها في كتب بثوا حولها دعاية كبيرة جعلتها تحتل منزلة مقدسة عند الشيعة، ونسبوا إلى آل البيت الكرام آلاف الروايات المكذوبة لدعم خطتهم وهدفهم.

لقد اقترن الرفض الملعون بسب أفضل جيل عرفته البشرية "وهو جيل الصحابة"، بل بسب أفضل خلق الله بعد الأنبياء والمرسلين -عليهم الصلاة والسلام-، فقد سب الرافضة أبا بكر وعمر، وهذا السباب للشيخين والصحابة تُستدرج لهما الأمة الآن تحت أغطية كثيرة، ومن خلال خداع كبير.

فهل يجوز لعالم أن يسكت عن هذا الاستدراج، وقد وصف الله -تعالى- في مُحكم كتابه العزيز جيل الصحابة بأنه خير أمة أخرجت للناس، فقال -سبحانه-: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) (الفتح:29)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، لا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلا نَصِيفَهُ) (متفق عليه)".

والشيخ "عدنان سعد الدين" من قيادات الإخوان بسوريا قال في كتابه: "الإخوان المسلمون في سوريا 2/401 - 407": "الخطأ الفادح -أو الخطيئة الكبرى بتعبير آخر- ما ارتكبه قادة التيارين الإسلامي والقومي في بلاد الشام والعراق من تصميم أكثرهم على تجهيل الأجيال الصاعدة بحقيقة الحركات الباطنية والجماعات السرية في تاريخها وفي واقعنا المعاصر وصرفهم عن التحدث في هذه الموضوعات أو الاهتمام بها أو التحذير منها؛ بدعوى الخشية على الوحدة الوطنية وإثارة الحساسيات بين أبناء الوطن الواحد! وإذا كان هذا التفكير مقبولاً على صعيد العمل السياسي ووجوب إقصائه عن برنامج الأحزاب في الساحة السياسية؛ فإنه لخطأ فادح إخفاء وطمس الكيد الباطني وما ينبثق عنه من خطط وبرامج ومخططات على الصعيد الفكري والفقهي والفلسفي، وتجهيل الأمة -ولا سيما قادة الفكر- بها، وعدم تحصينهم من شرورها وأخطارها لتكون لديهم المناعة مما يُبيَّت لأمتنا العربية والإسلامية من مؤامرات ما زلنا نكتوي بنارها.

خلت الساحة لورثة الحركات السرية الباطنية ليتسللوا إلى أعماق مجتمعاتنا غير المحصنة، وداخل أحزابنا وصميم أجهزتنا الحساسة، ويستلموا مفاصلها ويُمسكوا بالقرار، وتبقى الأمة بأكثريتها الكاثرة كالقطيع الذي يسوقه الجزارون إلى حيث يريدون لاستخدامهم أو عزلهم أو التخلص منهم ماديًّا أو معنويًّا أو بالأسلوب الذي يقررون.

عندما ظهرت حركة الخميني -الذي خدع المسلمين في جنبات الأرض بوعود ظهر فيما بعد كذبها من تحرير القدس وفلسطين، وأداء صلاة الشيعة في الحج مع عامة المسلمين... إلخ- طار الناس فرحًا واندفعوا وراء الخميني دونما وعي أو تبصّر! وبجهل مطبق بتاريخنا العربي والإسلامي وبجهل أكبر بعقائد وأفكار الحركة الخمينية؛ فلم تمضِِ على ذلك أشهر معدودات وقبل اكتمال عام على استلام الخميني الحكم في إيران وطرد الشاه وإلغاء الملكية وانتصار دولة ولاية الفقيه، حتى ظهرت الفجيعة للعيان وخيبة الأمل في هذا النظام، فمنذ الأسبوع الأول لاعتلاء الخميني عرش الطاووس في طهران حضر الوفد الفلسطيني برئاسة عرفات لتحط به أول طائرة هبطت في مطار طهران بعد الانتصار.

حدثني الأستاذ "هاني الحسن" سفير فلسطين في إيران عن تجربته فقال: لم أكتشف انتمائي لأهل السنة والجماعة -أو سنيتي حسب تعبيره- إلا في إيران عندما أقمتُ في طهران سفيرًا لفلسطين من شدة ما رأيت من تعصبٍ طائفي شيعي ذميم ضد المسلمين الآخرين.

وعندما فتحتْ السودان مركزًا ثقافيًّا في طهران مقابل سبعة عشر مركزًا ثقافيًّا إيرانيًّا في السودان، وصار الإيرانيون يوزعون الدولار على طلاب جامعة الخرطوم وغيرهم من الجامعات الأخرى وبشروا بالمتعة وإسقاط صلاة الجمعة... إلخ حتى يظهر الإمام.

ثم ذكر خلافًا وقع بين أفراد الجماعة حول دعوة الخميني فكلفت لجنة من علماء الجماعة للدراسة ثم العجب العجاب... قدمتْ لجنة العلماء الإخوانية التي ضمت فطاحل فقهاء الجماعة دراستها المعمقة الرصينة فاعترض الأخ القيادي قائلاً: الخلاف بيننا وبينهم في العقيدة، ولكن المواقف السياسية متشابهة! ولما قيل له: والخلاف أيضًا معهم في المواقف السياسية في كذا وكذا من الأمور، قال -كما ذكر في الحوار الذي جرى في أمريكا-: الآن فطنتم لهذه المخالفات، ولم تفطنوا لها في أيام الشاه! وحجب التقرير عن الجماعة ولم يأخذ به، ولم يطلع عليه أبناءُ الجماعة وبناتها ليتنوروا وليتحصنوا من هذه الضلالات، وذهب جهد علماء الجماعة الإسلامية هدرًا! فماذا يقول من يفعل هذا يوم يقوم الناس لرب العالمين؟! وما هي حجتهم أمام الله -تعالى- في اليوم العسير؟!".

والدكتور "حسين الرقب" -أحد قيادات حماس- لما رأى التشيع يأكل غزة ألَّف كتاب "الوشيعة في كشف شنائع وضلالات الشيعة" يقول في مقدمته: "فإن الباعث على إعداد هذا الكتاب هو ما لوحظ من زيادة نشاط الدعوة للشيعة الاثنى عشرية في الآونة الأخيرة على مستوى قطاع غزة خاصة من بعض الشباب المسلم المخدوع المغرر به -ممن وقعوا ضحية التقية والجهل-، ولما حصل من غفلة كثير من عوام المسلمين عن خطر هذه الفرقة على الدين الإسلامي وما في عقيدتها من كفريات وبدع وضلالات وسقائم وشنائع".

وقال: "ولقد عزمتُ على إعداد وجمع هذا الكتاب؛ تبصيرًا للشباب المسلم وتعريفًا وتوعية لهم، وإقامة الحجة على من وقع فريسة التضليل والخداع والجهل والتقية، واعتمدت في جمعه على ما كتبه علماء الشيعة الاثنى عشرية المعروفون والمشهورون عندهم، وما كتبه أهل العلم المتخصصون المطلعون على دين وضلالات الشيعة من علماء أهل السنة".

وبعد، فهل تريدون يا قيادات الجماعة أن تكون مصر كالعراق؟!

اتقوا الله في أتباعكم ومصر، واعلموا أن لا عذر لكم عند الله بعد هذا البيان، وأرجو من المسلمين أن يتبعوا علماءهم في المعروف وبدليل.

اللهم قد بلغت، اللهم فاشهد.

منقول عن موقع صوت السلف وكتبه عصام حسنين

تلامِيذُ القرضاوى وغلامُ الملِك

بسم الله الرحمن الرحيم
          الحمد لله وحده، والصَّلاةُ والسلام على من لا نبي بعده، وبعد.
           حدثنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن ملِكٍ طاغية فيمن كان قبلنا .. يزعم الألوهية والربوبية لنفسه من دون الله .. حاله حال طواغيت الحكم في زماننا الذين يزعمون الألوهية على شعوبهم .. ويفرضون قانونهم الباطل ـ بالحديد والنار ـ على البلاد والعباد من دون قانون الله .. ولسان حالهم يقول ما قاله فرعون من قبل:) وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي (القصص:38. ) مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ (غافر:19. ( فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ) النازعات:24.
          هذا الملِك الطاغية [[ كان له ساحر ]]، يُجادِل عنه، وعن ملكه، وقانونِه، ويُزوّر الحقائق في أعين الناس، فيريهم الحقَّ باطلاً، والباطلَ حقاً .. يعمل على تعبيد الناس للملك الطاغية ولقانونه الكافر .. وأيما مخالف أو معارِضٍ للملك وقانونه، كان يُرهبه بسحره .. فالطغاة ـ عبر جميع عصورهم الفائتة منها والقادمة ـ يحتاجون إلى سحرة يُنافحون عنهم، وعن أنظمتهم .. ويقومون بمهمة إضلال وإغواء الناس .. وإلا لما استتب لهم حكم ولا ملك .. ولا استتبت لهم عبودية الناس.
كذلك " القرضاوي " في زماننا .. فهو يقوم بمهمة ودور الساحر مع الطغاة .. فهو يزوّر الحقائق في أعين الناس؛ فيريهم الحق باطلاً، والباطلَ حقاً .. ويُجادل عن الطغاة الظالمين وحكمهم وقانونهم .. ويُجرّم كل من يفكر من الشعوب والجماعات بجهاد هؤلاء الطغاة الآثمين .. والتحرر منهم ومن ظلمهم .. بزعم الوسطية التي ينتهجها ويدعو إليها .. إلا أنه يوجد فارق بينه وبين ساحر الملك الطاغية من جهة أن الساحر كان تزويره للحقائق ظاهراً ومكشوفاً يراه عامة الناس قبل خواصهم .. يعتمد في سحره أسلوب وطرائق المشعوذين الدجالين .. بينما تزوير الساحر " القرضاوي " للحقائق في كثير من الأحيان يكون ـ على طريقة الزنادقة ـ مبطَّناً ومغلَّفاً ببعض المصطلحات والإطلاقات الشرعية ليمرر باطله وسحره على الناس من دون أن يُكشَف .. وحتى يجد لنفسه نفَقَاً يهرب منه إذا ما رُوجِع في كلامه ومواقفه!
ومن جهة ثانية فإن ساحر الملِك الطاغية .. كان يعمل لخدمة الملك الطاغية وحسب .. لا يُشرِك معه طاغية آخر .. بينما ساحرنا المعاصر .. فخدماته السحرية .. وتخريفاته البهلوانية مبذولة لجميع الطغاة الحاكمين في زماننا .. ولجميع فئات وفرق وطوائف الكفر والضلال التي نعايشها ونكابد واقعها .. لذلك فهو مرحب به عند الجميع .. والجميع قد صنعوا منه ـ كذباً وتلبيساً ـ تمثالاً، وإمام العصر الذي لا يُعقَّب عليه .. لأن الجميع يقتاتون به وباسمه .. وسحره .. وكثير منهم تجمعهم به صور تذكارية شخصية ودية أُخِذت له معهم في مناسبات شتّى[[1]].
[[ فلما كَبُرَ ـ أي السَّاحر ـ قال للملِك: إني قد كَبُرتُ ]]؛ وقد اقترب أجلي .. والذي أخشاه أن تذهب طريقتي المثلى في السحر والدجل من دون أن يرثني ـ ويرث طريقتي في السحر ـ أحد .. وهذا معناه ـ أيها الملِك ـ أن تفقد خدماتي السحرية وإلى الأبد .. وبفقدانك لها .. ينكشف عجزك وجهلك وضعفك للناس .. فيُدركون حقيقتك؛ ويعرفون أنك لست إلهاً ولا ربَّاً .. بل ولا حاكماً تستحق أن تكون والياً عليهم .. فتتكشف سوءاتك للناس .. فيتجرَّؤون عليك وعلى عرشك وملكِك.
وهكذا حال ساحرنا المعاصر .. بعد أن بلغ من العمر عتيَّاً .. ووصل إلى مرحلة لم يعد يعي فيها ما يقول .. وخشي على نفسه أن يُدركه الأجل .. خشي ـ ومن وراءه من الطغاة ـ أن تذهب طريقته الوسطية المثلى ـ التي تعني الوقوف وسطاً بين الحق والباطل، فلا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ـ بذهابه ووفاته .. وينكشف بذهابه وذهاب طريقته الغطاء عن المخبوء من كفر وظلم كثير من طغاة الحكم .. فتُسحَب عنهم الشرعية والقانونية التي كان يضفيها الساحر عليهم وعلى أنظمتهم .. ويبطل مفعول تخديره وتجريمه للشعوب التي تفكر بالخروج على أولئك الطغاة، انتصافاً لحقوقها وحرماتها منهم.
فهو من جهة يزين حالهم .. فلا ينطق فيهم كلمة تعري كفرهم وباطلهم .. ومن جهة فهو يُجرّم من يأخذ بخيار جهادهم، وأطرهم إلى الحق .. فأي ساحر يستطيع أن يفعل فعله هذا؟!
إذاً الخطب جلَل .. والخطر داهم .. فما هو الحل .. وما هو الاقتراح .. وما هو المطلوب؟
قال السّاحر:[[ فابعث إلي غلاماً ]]؛ على وجه السرعة قبل أن تُدركني المنيّة .. لكي [[ أعلِّمُه السِّحرَ ]]؛ فيرثني في السحر، وخدمة الطاغية الملك، ولتستمر فاعلية السحر وأثره على الناس؛ لأن السحر ـ لكي تُؤتَى ثماره ـ لا بد من أن يُدعَّم بشحنات سحرية متواصلة من دون أدنى انقطاع؛ فلو حصل أي انقطاع أو توقف في عملية السحر، سرعان ما ينكشف السحر ويبطل .. وينقلب على صاحبه .. وينكشف الغطاء .. وتُعرَف الحقائق .. مثله مثل المخدِّر إن لم تُتبعه بجرعات تخديرية متواصلة فإن المُخَدَّر يستيقظ على من حوله، ويحصل حينئذٍ ما لا يُحمد عقباه.
وهكذا ساحرنا المعاصر ـ لما دنا منه الأجل ـ تنادى أن ابعثوا إليَّ غلمانكم وبناتكم لكي أعلمهم السحر .. لكي أورثهم منهجي .. وطريقتي الوسطية المثلى في التضليل والتلبيس والسحر .. ليستمر مفعول سحري على الناس .. ويستمر مفعول تخديري لهم .. ولكي يأمن الطغاة ـ من بعدي ـ على أنفسهم وعروشهم من غضب وثورات شعوبهم.
[[ فبعَثَ ]] الملِك الطاغية [[ إليه غُلاماً يُعلِّمُه ]]؛ السحر، والدخول في طاعة وخدمة وعبادة الملِك .. والسر في اختيار التلميذ أن يكون غلاماً؛ لأنه أطوع على التعليم وقبول السحر .. ومن ثم لضمان خدمة أطول للطاغية الملك. 
وهكذا ساحرنا المعاصر .. أرسلوا إليه مجموعة من الشبان والشابات في مقتبل أعمارهم ـ ومن أقطار وقارات شتى ـ ليلقنهم طريقته السحريَّة المثلى .. ليستلموا من بعده الراية في التضليل والتحريف .. ولينتشر سحره وضلاله في أكبر بقعة ممكنة من الأرض .. وليكونوا تلك الأداة التي يتكئ عليها الطغاة في ظلمهم .. وتثبيت ملكهم وعروشهم .. فالطغاة حريصون على أن يصنعوا من القرضاوي ـ دون غيره ـ نُسخاً متكررة وفي أكثر من مكان، لما رأوا في منهجه الوسطي التضليلي التحريفي من خدمات جليلة لعروشهم وأنظمتهم الفاسدة الكافرة.
وللطغاة، ومن معهم من السَّحرة، نقول: قد تسلط على هذا الدين قبلكم كثير من الطغاة والسَّحرة .. فذهبوا وكيدهم حطباً لنار جهنم .. وبقي الإسلام نقيّاً شامخاً عزيزاً كاملاً، كما أنزله الله تعالى.
قد كاد الإسلام قبلكم طغاة وسحرة هم أشد منكم طغياناً وسحراً .. فانقلب كيدهم على أنفسهم .. وانقلب السحر على الساحِر .. وبقي الإسلام كما أنزله الله تعالى محفوظاً لم يتغيّر منه شيء .. دين قد تكفل الله تعالى بحفظه فلا ضيعة ولا خوف عليه .. مهما كاده الكائدون .. وتكالب عليه السحرة الماكرون .. وكان سحرهم كبيراً، ) وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (آل عمران:54. وقال تعالى:) وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (النمل:50. دين يمكر الله تعالى له، فلا خوف عليه من مكر الماكرين.
اللهم يا حيُّ يا قيوم .. يا أرحم الراحمين .. كما حفظت غلامَ ساحِر الملك .. من سحر وشرِّ الساحر .. احفظ غلماننا وأبناءنا من سحر وشَرِّ ساحر طغاة العصر .. وكما كشفتَ وعرَّيت سحر ساحر الملِك على يد غلام ساحر الملك .. فاكشف وعرّ سحر ساحر طغاة العصر على يد الغلمان الذين انتقاهم لتعليم سحره ومنهجه وباطله .. وكما جعلت نهاية الطاغية الملِك وسِحر ساحره، على يد غلام ساحِر الملِك .. فاجعل نهاية طغاة العصر، وسحر ساحرهم على يد الغلمان والشّبان الذين انتقاهم الساحر المعاصر لنفسه، ومنهجه، وسحره، وطريقته الوسطية الباطلة ... اللهم آمين .. آمين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
وصلى الله على محمد النبي الأمي، وعلى آله وصحبه وسلم.
عبد المنعم مصطفى حليمة
81/4/1431 هـ   -    3/4/2010 م .


[1] من آخر تخريفات وهرطقة وسحر القرضاوي كما في مقابلته الأخيرة  مع " بي بي سي "، في برنامج " في الصميم "، والذي نُشر على الملأ للملايين، وكان ذلك بتاريخ 8/2/2010، قوله:" أنا لست سياسياً ـ يا أخي! ـ أنا رجل شرعي .. أنا لست ضد اليهود ولا اليهودية .. نحن ضد الصهاينة، اليهود الذين يقفون ضد إسرائيل أرحب بهم .. أنا مع كل الحريات، أنا أقدس الحرية، الحرية مقدمة على تطبيق الشريعة .. من حق الإنسان ـ المسلم ـ إذا كان هو حراً حقيقياً أن يغير دينه .. لا مانع ولا مشكلة من ترشّح قبطي نصراني لرئاسة مصر، والناس ستختار من هو أحق أو لا .. لا أمانع من محاكمة أي حزب أو جماعة وفق القوانين المصرية الجارية "ا- هـ. أي وفق قانون وشريعة الطاغوت الجارية .. وغير ذلك من الهرطقة والشعوذة والكذب على دين الله .. وقد ذكرنا  وناقشنا شيئاً من هرطقاته ودجله ـ التي يصعب تتبعها وإحصاؤها ـ في غير هذا الموضع.





AddThis