خطيئة كبرى لجماعة الإخوان المسلمين

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقد كان خطأ جماعة الإخوان الأكبر هو التقارب مع الروافض الذين صارت عقائدهم المنحرفة وخطرهم وخيانتهم شبه معلومة عند الأكثر، وتبين لهم ذلك "حرب الخميني في العراق - موالاة الاحتلال الأمريكي للعراق وقتلهم لأهل السنة بذبح وحرق واغتصاب للنساء، بل وصار الحكم لهم بعد أن كانت العراق دولة سُنية - مساندة بشار إلى الآن وما نتج عن ذلك من مقتل أهل السنة وتشريدهم وخراب بلادهم".


ناهيك عن محاولات الإخوان للتقارب التي باءت بالفشل، وبعضهم بعد خوضه التجربة كتب محذرًا، لكن دون جدوى!

ولا يزال هذا الخطأ يُرتكب، ولكن اليوم بصورة أخطر سيبوءون بإثمها إن لم يفيقوا، بل ومن علامات عدم التوفيق والمآل هو السقوط كما رأينا في تاريخنا المسطور في دولة الإخوان الآن من حفاوة بالغة بالمجرم "نجاد"، ووزير سياحة يذهب للإتيان بالروافض لزيارة الأضرحة وممارسة الشرك بالله على أرض التوحيد، ومِن ثَمَّ نشر الرفض وسب الصحابة، وتهديد السلم والبنية الاجتماعية، وقد ارتفعت أصوات الناصحين محذرة، لكن لا حياة لمن تنادي!

وهذا من أعجب العجب! أن يبصر الإنسان عدوه ويرسل الله له من يعرفه إياه فيصر على العمى وأنه ليس بعدو له!

والسر في ذلك هو الخلل المنهجي عندهم، وهو قول المرشد المؤسس "حسن البنا "-رحمه الله- عندما سألوه عن مدى الخلاف بين أهل السنة والشيعة؟ فنهاهم عن الدخول في مثل هذه المسائل الشائكة التي لا يليق بالمسلمين أن يشغلوا أنفسهم به، والمسلمون على ما ترى من تنابذ يعمل أعداء الإسلام على إشعال ناره، فقلنا لفصليته -أي التلمساني-: نحن لا نسأل عن هذا للتعصب أو توسعة لهوة الخلاف بين المسلمين، ولكن نسأل للعلم؛ لأن ما بين السنة والشيعة مذكور في مؤلفات لا حصر لها، وليس لدينا من سعة الوقت ما يمكننا من البحث في تلك المراجع" (اهـ من كتاب "موقف العلماء المسلمين من الشيعة والثورة الإيرانية ص14").

ومما لا شك فيه أن المرشد لم يكن يعلم أن منكر الولاية كافر عندهم، وأن موالاة أبي بكر كفر كما قال الخميني في كتاب الأربعين ص511: "لا يقبل الإيمان بالله ورسوله من دون الولاية" اهـ.

وإن كان معذورًا فلا يُعذر أتباعه إلى اليوم في هذا التقليد الأعمى الذي نُهينا عنه، قال -تعالى- عن سبب ضلال الأمم: (بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ) (الزخرف:22)، هكذا بدون بصيرة! أما الاتباع الصحيح فهو ألا يقدم كلام أي أحد كائنًا من كان على كلام الله وكلام رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وأن كل أحد يؤخذ من كلامه ويترك إلا الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وأن كلام العلماء يستدل له لا به.

وهذا التبرير عممته الجماعة فيما بعد عند أي خلاف معها، فحرَموا أنفسهم من كثير من السنة، ووقعوا في أخطاء سياسية خطيرة كالتي نحن بصددها!

يقول التلمساني -المرشد الثالث:- "إن التقريب بين الشيعة والسنة واجب الفقهاء الآن!"، وقال: "ولم تفتر علاقة الإخوان بزعماء الشيعة فاتصلوا بآية الله الكاشاني واستضافوا في مصر "نواب صفوي"، كل هذا فعله الإخوان لا ليحملوا الشيعة على ترك مذهبهم، لكنهم فعلوه لغرض نبيل يدعو إليه إسلامهم وهو محاولة التقريب بين المذاهب الإسلامية إلى أقرب حد ممكن" اهـ، ويقول أيضًا: "وبعيدًا عن كل الخلافات السياسية بين الشيعة وغيرهم فما يزال الإخوان المسلمون حريصين كل الحرص على أن يقوم شيء من التقارب المحسوس بين المذاهب المختلفة" (اهـ من مجلة الدعوة العدد "105").

وهذا يفسر لنا هذه الرغبة المحمومة الآن للمسارعة في الشيعة! وهذا كله نتيجة هذه الكلمة الخطيرة التي صدرت من الشيخ "البنا"، وعدم حيدهم عنها حتى بعد تحذير من اطلع منهم على بواطنهم كالدكتور "مصطفى السباعي" والشيخ "سعيد حوى" الذي زار الخميني ثم لما تبين له مذهبهم كتب محذرًا: "الخمينية شذوذ في العقائد وشذوذ في المواقف".

يقول: "لقد تتابعت حلقات مخطط الرفض الرهيب في إفراغ التشيع من محتواه الحقيقي ووضعه في موقع مضاد للإسلام وعقيدته وهدم أركان العقيدة الإسلامية من نفي للتوحيد، وادعاء بتحريف القرآن، وإنكار للسنة النبوية سيما السابقين منهم كأبي بكر وعمر وعثمان وخالد وأبي عبيدة ونحوهم، والتقرب إلى إلههم بلعنهم وسبهم، فضلاً عن قولهم بترهات وضلالات وروايات اخترعوها تنفِّر العاقل من الدين وتنزل بالعقل من سماء الحكمة إلى حضيض الحيوانية العجماء كالقول بعصمة الأئمة، والنص من الله بتعيينهم خلفاء في الأرض، يحرمون ويحللون كيف يشاءون، والإيمان بالمهدوية والنيابة عنهم، وجواز البداء على الله -تعالى الله عما يقولون-، وضرورة الكذب باسم التقية، وإباحة النساء باسم المتعة، وإهانة المرأة بوطئها في دبرها، والإساءة إلى آل البيت حينما يصورونهم فاقدي الشجاعة والجرأة في طلب الحق وإظهاره، متبعين لسياسة إخفاء الحق لأجل مصالحهم الدنيوية -أعاذهم الله من ذلك-، مستبيحين لدماء المسلمين وأموالهم وحرماتهم ومقدساتهم.
ويلاحظ أن جملة كبيرة من الحركات الهدامة قد تبنت كل هذا الشذوذ، ومكنت له بقوتها وأموالها وإرهابها، مثل: القرامطة والخرمية والبابكية، وما قام به البويهيون والعبيديون -الفاطميون-، والحشاشون والصفويون من جهد منظم لأجل إشاعة هذه الترهات وتدوينها في كتب بثوا حولها دعاية كبيرة جعلتها تحتل منزلة مقدسة عند الشيعة، ونسبوا إلى آل البيت الكرام آلاف الروايات المكذوبة لدعم خطتهم وهدفهم.

لقد اقترن الرفض الملعون بسب أفضل جيل عرفته البشرية "وهو جيل الصحابة"، بل بسب أفضل خلق الله بعد الأنبياء والمرسلين -عليهم الصلاة والسلام-، فقد سب الرافضة أبا بكر وعمر، وهذا السباب للشيخين والصحابة تُستدرج لهما الأمة الآن تحت أغطية كثيرة، ومن خلال خداع كبير.

فهل يجوز لعالم أن يسكت عن هذا الاستدراج، وقد وصف الله -تعالى- في مُحكم كتابه العزيز جيل الصحابة بأنه خير أمة أخرجت للناس، فقال -سبحانه-: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) (الفتح:29)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، لا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلا نَصِيفَهُ) (متفق عليه)".

والشيخ "عدنان سعد الدين" من قيادات الإخوان بسوريا قال في كتابه: "الإخوان المسلمون في سوريا 2/401 - 407": "الخطأ الفادح -أو الخطيئة الكبرى بتعبير آخر- ما ارتكبه قادة التيارين الإسلامي والقومي في بلاد الشام والعراق من تصميم أكثرهم على تجهيل الأجيال الصاعدة بحقيقة الحركات الباطنية والجماعات السرية في تاريخها وفي واقعنا المعاصر وصرفهم عن التحدث في هذه الموضوعات أو الاهتمام بها أو التحذير منها؛ بدعوى الخشية على الوحدة الوطنية وإثارة الحساسيات بين أبناء الوطن الواحد! وإذا كان هذا التفكير مقبولاً على صعيد العمل السياسي ووجوب إقصائه عن برنامج الأحزاب في الساحة السياسية؛ فإنه لخطأ فادح إخفاء وطمس الكيد الباطني وما ينبثق عنه من خطط وبرامج ومخططات على الصعيد الفكري والفقهي والفلسفي، وتجهيل الأمة -ولا سيما قادة الفكر- بها، وعدم تحصينهم من شرورها وأخطارها لتكون لديهم المناعة مما يُبيَّت لأمتنا العربية والإسلامية من مؤامرات ما زلنا نكتوي بنارها.

خلت الساحة لورثة الحركات السرية الباطنية ليتسللوا إلى أعماق مجتمعاتنا غير المحصنة، وداخل أحزابنا وصميم أجهزتنا الحساسة، ويستلموا مفاصلها ويُمسكوا بالقرار، وتبقى الأمة بأكثريتها الكاثرة كالقطيع الذي يسوقه الجزارون إلى حيث يريدون لاستخدامهم أو عزلهم أو التخلص منهم ماديًّا أو معنويًّا أو بالأسلوب الذي يقررون.

عندما ظهرت حركة الخميني -الذي خدع المسلمين في جنبات الأرض بوعود ظهر فيما بعد كذبها من تحرير القدس وفلسطين، وأداء صلاة الشيعة في الحج مع عامة المسلمين... إلخ- طار الناس فرحًا واندفعوا وراء الخميني دونما وعي أو تبصّر! وبجهل مطبق بتاريخنا العربي والإسلامي وبجهل أكبر بعقائد وأفكار الحركة الخمينية؛ فلم تمضِِ على ذلك أشهر معدودات وقبل اكتمال عام على استلام الخميني الحكم في إيران وطرد الشاه وإلغاء الملكية وانتصار دولة ولاية الفقيه، حتى ظهرت الفجيعة للعيان وخيبة الأمل في هذا النظام، فمنذ الأسبوع الأول لاعتلاء الخميني عرش الطاووس في طهران حضر الوفد الفلسطيني برئاسة عرفات لتحط به أول طائرة هبطت في مطار طهران بعد الانتصار.

حدثني الأستاذ "هاني الحسن" سفير فلسطين في إيران عن تجربته فقال: لم أكتشف انتمائي لأهل السنة والجماعة -أو سنيتي حسب تعبيره- إلا في إيران عندما أقمتُ في طهران سفيرًا لفلسطين من شدة ما رأيت من تعصبٍ طائفي شيعي ذميم ضد المسلمين الآخرين.

وعندما فتحتْ السودان مركزًا ثقافيًّا في طهران مقابل سبعة عشر مركزًا ثقافيًّا إيرانيًّا في السودان، وصار الإيرانيون يوزعون الدولار على طلاب جامعة الخرطوم وغيرهم من الجامعات الأخرى وبشروا بالمتعة وإسقاط صلاة الجمعة... إلخ حتى يظهر الإمام.

ثم ذكر خلافًا وقع بين أفراد الجماعة حول دعوة الخميني فكلفت لجنة من علماء الجماعة للدراسة ثم العجب العجاب... قدمتْ لجنة العلماء الإخوانية التي ضمت فطاحل فقهاء الجماعة دراستها المعمقة الرصينة فاعترض الأخ القيادي قائلاً: الخلاف بيننا وبينهم في العقيدة، ولكن المواقف السياسية متشابهة! ولما قيل له: والخلاف أيضًا معهم في المواقف السياسية في كذا وكذا من الأمور، قال -كما ذكر في الحوار الذي جرى في أمريكا-: الآن فطنتم لهذه المخالفات، ولم تفطنوا لها في أيام الشاه! وحجب التقرير عن الجماعة ولم يأخذ به، ولم يطلع عليه أبناءُ الجماعة وبناتها ليتنوروا وليتحصنوا من هذه الضلالات، وذهب جهد علماء الجماعة الإسلامية هدرًا! فماذا يقول من يفعل هذا يوم يقوم الناس لرب العالمين؟! وما هي حجتهم أمام الله -تعالى- في اليوم العسير؟!".

والدكتور "حسين الرقب" -أحد قيادات حماس- لما رأى التشيع يأكل غزة ألَّف كتاب "الوشيعة في كشف شنائع وضلالات الشيعة" يقول في مقدمته: "فإن الباعث على إعداد هذا الكتاب هو ما لوحظ من زيادة نشاط الدعوة للشيعة الاثنى عشرية في الآونة الأخيرة على مستوى قطاع غزة خاصة من بعض الشباب المسلم المخدوع المغرر به -ممن وقعوا ضحية التقية والجهل-، ولما حصل من غفلة كثير من عوام المسلمين عن خطر هذه الفرقة على الدين الإسلامي وما في عقيدتها من كفريات وبدع وضلالات وسقائم وشنائع".

وقال: "ولقد عزمتُ على إعداد وجمع هذا الكتاب؛ تبصيرًا للشباب المسلم وتعريفًا وتوعية لهم، وإقامة الحجة على من وقع فريسة التضليل والخداع والجهل والتقية، واعتمدت في جمعه على ما كتبه علماء الشيعة الاثنى عشرية المعروفون والمشهورون عندهم، وما كتبه أهل العلم المتخصصون المطلعون على دين وضلالات الشيعة من علماء أهل السنة".

وبعد، فهل تريدون يا قيادات الجماعة أن تكون مصر كالعراق؟!

اتقوا الله في أتباعكم ومصر، واعلموا أن لا عذر لكم عند الله بعد هذا البيان، وأرجو من المسلمين أن يتبعوا علماءهم في المعروف وبدليل.

اللهم قد بلغت، اللهم فاشهد.

منقول عن موقع صوت السلف وكتبه عصام حسنين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

AddThis