الأشعرية

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا  من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ثم أما بعد ...
     لا يصح عمل و لا تقبل عبادة  و لا ينجوا أحد من النار إلا إذا أتى  التوحيد و صحح العقيدة لأن العقيدة هي أساس العمل بل أساس القول والعمل وأساس الفعل والترك فهي البناء الذي يبني عليه المؤمن حياته وحركاته وسكناته ومن العقائد المنتشرة بين المسلمين ما يسمى بالعقيدة الأشعرية وهى نسبة إلى أبى الحسن الأشعرى رحمه الله ورضى عنه .
الإمام ابو الحسن الأشعرى
المولود 260 هجرية والمتوفى 324 هجرية
هل العقيدة الأشعرية هى عقيدة أهل السنة والجماعة ؟
ابو الحسن الاشعرى ولد 260 هجرية شب وترعرع وابتلى منذ ولادته بأن زوج أمه كان ابو على الجبائى رأس جماعة المعتزلة فى زمانه فتربى ابو الحسن الاشعرى فى بيت المعتزلة ورضع لبان الاعتزال منذ طفولته ولهذا خرج معتزليا فى أول حياته وظل على ذلك أربعين عاماً .
وبدأ أبو الحسن الأشعرى يتحول لمذهب الحق على رأس عام 300 هجرية أى فى بداية القرن الرابع الهجرى بعد انتهاء القرون الخيرية وكان سبب تحوله مناظرة رجل مع أبو على الجبائى فى مسألة أن الله يجب عليه فعل الاصلح لعباده ( كما فى مذهب الاعتزال ) ( وهذا طبعا لا يصح مع الله فإن الله لا يجب عليه شئ بل كل شئ منه فضل ومنه ولا يصح أن يقول عاقل بأن الله يجب عليه أن يفعل الاصلح لعباده فهذا سوء ادب مع الله والعياذ بالله )
فقال الرجل : يا ابا على ما تقول فى رجل له ثلاثة أبناء مات أحدهم مؤمناً كبيراً فدخل الجنة ومات الثانى صغيراً فدخل الجنة ولكن فى مرتبة أقل من أخيه ومات الثالث كبيراً كافراً فدخل النار فاجتمعوا عند الله فأما الكبير فقال لك الحمد يا رب فعلت لى الأصلح  : أمتنى كبيراً مؤمناً فأدخلتنى فى أعلى درجات الجنة .. وأما الصغير فقال يارب هلا تركتنى أكبُر مثل أخى فأموت مؤمناً فأدخل الجنة فى مثل مقامه ؟  ... فقال له ربه علمت أنك لو بقيت حتى تكبر كفرت ودخلت النار فموتك صغيراً مسلماً على الفطرة أصح لك وأحسن لك وأصلح من موتك كبيراً كافراً فيقول لك الحمد يارب على ما فعلت ........ ثم يأتى الثالث الذى مات كبيراً كافراً فدخل النار فيقول : يارب هلا إن لم تُمتنى كبيراً مؤمناً فأدخل الجنة مع أخى الأكبر أمتنى صغيرا على الفطرة فادخل الجنة مع أخى الثانى فما الأصلح فى موتى كبيراً كافراً ودخولى النار ؟  فأفحم أبو على الجبائى ولم يجد رداً .
وكان أبو الحسن حاضراً لهذه المناظرة فلما سمعها  راجع نفسه بعد أربعين سنة من اعتناقه مذهب المعتزلة فخرج واعتلى المنبر وكان يرتدى طيلسانا على ثيابه وقال : يا أيها الناس لقد كنت كافراً وانا اليوم أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وأنخلع من كل ماكنت عليه من اعتزال كما أنخلع من عبائتى تلك – وخلع عباءته وألقاها على الأرض -  وقال انا اليوم مسلم من جديد .
ظل أبو الحسن الاشعرى عشر سنوات بعد عام 300 هجرية بين أهل السنة وبين أهل الاعتزال ولم يكن قد التقى بأهل الحديث وصنف فى هذه الفترة كتاب اللمع فى الرد على أهل الزيغ والبدع والذى يعتمد عليه الأشاعرة فى مذهبهم كله.
بعد  310 هجرية التقى أبو الحسن الأشعرى بالإمام الحافظ الكبير / زكريا بن يحيى السادى إمام أهل الحديث فى زمانه فعلمه طريق السنة فانتقل الأشعرى مرة ثانية من مذهب الكرامية ومن شابههم وابن كلاب ومن معه وانتقل إلى مذهب أهل الحديث حتى مات على ذلك وألف كتبه المشهورة  : الإبانة ومقالات الإسلاميين ورسالة إلى أهل الثغر ويقول فيها جميعاً بأنه فى الاعتقاد على مذهب أبى عبد الله الإمام أحمد بن حنبل إمام أهل السنة .. فكيف يتمسك الأشاعرة بمذهب أبى الحسن الذى رجع عنه فى كل كتبه المذكورة ؟
ولماذا يجعلون الإمام أبو الحسن الأشعرى (رحمه الله ورضى عنه ) إمام أهل السنة ويتغاضون عن الإمام أحمد بن حنبل وأبو الحسن لم يقدم ما قدمه الإمام أحمد ... ابن حنبل دافع عن السنة حتى جلد ظهره وبقرت بطنه وسجن وعذب .. وأبو الحسن الاشعرى نفسه يقول أنه على مذهب أبى عبد الله الامام احمد بن حنبل حتى يطمأن الناس لعقيدته ويسمعون له ( فقد كان قبل ذلك مبتدعا ) فكيف يجعلون الأشعرى إمام الفرقة الناجية ويتغاضون عن شيخ الأشعرى وإمامه .. وأحمد بن حنبل أولى من الأشعرى بإمامة أهل السنة بشهادة الأشعرى نفسه .
إذا كان أبو الحسن الأشعرى إمام أهل السنة والجماعة والأشاعرة هم أهل السنة والجماعة ومعلوم أنه لم يدخل فى الإسلام حقيقة إلا بعد سنة 300 هجرية .. والسؤال على أى مذهب كان المسلمون فى القرون الثلاثة المفضلة قبل الأشعرى ؟  هل كانوا على بدعة وضلالة ؟  
فان كان قولهم بأن الصحابة كانوا على مذهب الأشاعرة يقصدون به أن الأشعرى وافق الصحابة فى مذهبهم فى النهاية بعد أن رجع عن العقيدة التى دعا إليها فى كتابه ( اللمع فى الرد على أهل الزيغ والبدع - والذى يعتمد عليه الأشاعرة فى مذهبهم كله ) فالأولى أن ينسبوا أبا الحسن للصحابة وليس العكس فيقال أبو الحسن على مذهب الصحابة وليس الصحابة على مذهب أبو الحسن ...  فلا يصح أن أنسب الأب للإبن فأقول هذا الرجل يشبه ابنه .. بل أقول أن هذا الولد يشبه أباه ... وما قالوا على الإمام أحمد بن حنبل وابن القيم وابن تيمية وغيرهم أنهم أئمة أهل السنة إلا لأنهم قالوا بمذهب القرون الثلاثة المفضلة ولو وجد أحد قولاً لأحدهم يخالف مذهب القرون الثلاثة  فليضرب به عرض الحائط ولا يعتبره من مذهب أهل السنة أو السلفية ... فمقولة أن الصحابة كانوا أشاعرة مغالطة كبرى  فالأولى إذاً  أن ننسب الأبعد والأصغر والأقل قدراً إلى الأقرب والأعظم قدراً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

AddThis