الشافعى شاعراً

هو أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعيّ المطَّلِبيّ القرشيّ، فقيه وإمام من أئمة أهل السنة والجماعة، وصاحب المذهب الشافعي في الفقه الإسلامي، ومؤسس علم أصول الفقه، وهو أيضاً إمام في التفسير وعلم الحديث، وقد عمل قاضياً فعُرف بالعدل والذكاء. وإضافةً إلى العلوم الدينية، كان الشافعي فصيحاً شاعراً، ورامياً ماهراً، ورحّالاً مسافراً. أكثرَ العلماءُ من الثناء عليه، حتى قال فيه الإمام أحمد: «كان الشافعي كالشمس للدنيا، وكالعافية للناس» وقيل أنه هو إمامُ قريش الذي ذكره النبي محمد صلى الله عليه وسلم بقوله  «عالم قريش يملأ الأرض علماً»


هذه هي الدنيا
تموت الأُسدُ في الغابات جوعا  ولحم الضأن تأكله الكــلاب
وعبدٌ قد ينام على حريـــر ... وذو نسب مفارشه التــراب
    

دعوة إلى التنقل والترحال
ما في المقام لذي عـقـل وذي أدب ... من راحة فدع الأوطان واغتـرب
سافر تجد عوضـا عمن تفارقــه ... وانْصَبْ فإن لذيذ العيش في النَّصب
إني رأيت ركـود الـماء يفســده ... إن ساح طاب وإن لم يجر لم يطب
والأسد لولا فراق الغاب ما افترست ... والسهم لولا فراق القوس لم يصب
والشمس لو وقفت في الفلك دائمة ... لملَّها الناس من عجم ومن عـرب
والتِّبرُ كالتُّـرب مُلقى في أماكنـه ... والعود في أرضه نوع من الحطب
فإن تغرّب هـذا عـَزّ مطلبـــه ... وإن تغرب ذاك عـزّ كالذهــب
                     
                                         
الضرب في الأرض
سأضرب في طول البلاد وعرضها ... أنال مرادي أو أموت غريبـا
فإن تلفت نفسي فلله درهــــا ...      وإن سلمت كان الرجوع قريبا

آداب التعلم
 
اصبر على مـر الجفـا من معلم   ... فإن رسوب العلم في نفراته
ومن لم يذق مر التعلم ساعــة   ... تجرع ذل الجهل طول حياته
ومن فاته التعليم وقت شبابــه       ... فكبر عليه أربعا لوفاتــه
وذات الفتى والله بالعلم والتقى     ... إذا لم يكونا لا اعتبار لذاته


متى يكون السكوت من ذهب
 
إذا نطق السفيه فلا تجبه ... فخير من إجابته السكوت
فإن كلمته فـرّجت عنـه   ...  وإن خليته كـمدا يمـوت


عدو يتمنى الموت للشافعي
 
تمنى رجال أن أموت ، وإن أمت ... فتلك سبيـل لـست فيها بأوحــد
وما موت من قد مات قبلي بضائر ... ولا عيش من قد عاش بعدي بمخلد
لعل الذي يرجـو فنـائي ويدّعي ... به قبل موتـي أن يكون هو الردى

لا تيأسن من لطف ربك
 
إن كنت تغدو في الذنـوب جليـدا  ...  وتخاف في يوم المعاد وعيـدا
فلقـد أتاك من المهيمـن عـفـوه  ...  وأفاض من نعم عليك مزيـدا
لا تيأسن من لطف ربك في الحشا   ... في بطن أمك مضغة ووليـدا
لو شــاء أن تصلى جهنم خالـدا   ...   ما كان أَلْهمَ قلبك التوحيــدا

                                

التوكل على الله
توكلت في رزقي على الله خـالقي ... وأيقنـت أن الله لا شك رازقي
وما يك من رزقي فليـس يفوتني ... ولو كان في قاع البحار العوامق
سيأتي بـه الله العظـيم بفضلـه ... ولو، لم يكن من اللسـان بناطق
ففي اي شيء تذهب النفس حسرة ... وقد قسم الرحـمن رزق الخلائق
                             

لمن نعطي رأينا
ولا تعطين الرأي من لا يريده  ...  فلا أنت محمود ولا الرأي نافعه

كتمان الأسرار
 
 إذا المـرء أفشـى سـره بلسانـه
ولام عليـه غيـره فهـو أحمـق
إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه
فصدر الذي يستودع السر أضيـق
                                          

                       
            فضل العفو           

لما عفوت ولم أحقد على أحدٍ
أرحت نفسي من هم العداوات
إني أحيي عدوي عند رؤيتـه
أدفع الشر عنـي بالتحيـات
وأظهر البشر للإنسان أبغضه
كما أن قد حشى قلبي محبات
الناس داء ودواء الناس قربهم
وفي اعتزالهم قطع المـودات

                                              
                                                  
وأعرض عن الجاهلين
أعرض عن الجاهل السفيه
فكل مـا قـال فهـو فيـه
ما ضر بحر الفرات يومـاً
إن خاض بعض الكلاب فيه

     يخاطبني السفيه بكل قبح ..... فأكره أن أكون له مجيب
يزيد سفاهة فأزيد حلما ..... كعود زاده الإحراق طيبا
  
 
               

السكوت سلامة
 قالوا اسكت وقد خوصمت قلت لهم
إن الجـواب لبـاب الشـر مفتـاح
والصمت عن جاهلٍ أو أحمقٍ شرف
وفيه أيضاً لصون العرض إصـلاح
أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة ؟
والكلب يخسى لعمري وهـو نبـاح



 الدنيا رخيصــة

يا من يعانق دنيا لا بقاء لها ..... يمسي ويصبح في دنياه سافرا
هلا تركت لذي الدنيا معانقة ..... حتى تعانق في الفردوس أبكارا
إن كنت تبغي جنان الخلد تسكنها ..... فينبغي لك أن لا تأمن النارا



الرضا بالقضاء
دع الأيام تفعل ما تشاء ..... وطب نفسا إذا حكم القضاء
ولا تجزع لحادثة الليالي ..... فما لحوادث الدنيا بقاء
وكن رجلا على الأهوال جلدا ..... وشيمتك السماحة والوفاء
وإن كثرت عيوبك في البرايا ..... وسرك أن يكون لها غطاء
تستر بالسخاء فكل عيب ..... يغطيه كما قيل السخاء
ولا تر للأعادي قط ذلا ..... فإن شماتة الأعدا بلاء
ولا ترج السماحة من بخيل ..... فما في النار للظمآن ماء
ورزقك ليس ينقصه التأني ..... وليس يزيد في الرزق العناء
ولا حزن يدوم ولا سرور ..... ولا بؤس عليك ولا رخاء
إذا ما كنت ذا قلب قنوع ..... فأنت ومالك الدنيا سواء
ومن نزلت بساحته المنايا ..... فلا أرض تقيه ولا سماء
وأرض الله واسعة ولكن ..... إذا نزل القضا ضاق الفضاء
دع الأيام تغدر كل حين ..... فما يغني عن الموت الدواء
                                                            
                                                          

علامة حب الله
تعصي الإله وأنت تظهر حبه ... هذا محال في القياس بديـع
لو كان حبك صادقا لأطعتـه ... إن المحب لمن يحب مطيـع
في كل يوم يبتديك بنعمــة ... منه وأنت لشكر ذلك مضيع

                                        

أبواب الملوك
إن الملوك بـلاء حيثما حـلـوا ... فلا يكن لك في أبوابهم ظــل
ماذا تؤمل من قوم إذا غضبـوا ... جاروا عليك وإن أرضيتهم ملوا
فاستعن بالله عن أبوابهم كرمـا ... إن الوقوف على أبوابهــم ذل


                              
فرجٌ قريبٌ
ولرب نازلة يضيق لها الفتى ..... ذرعا وعند الله منها المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها ..... فرجت وكنت أظنها لا تفرج



دعاء
قلبي برحمتك اللهم ذو أنس ..... في السر والجهر والإصباح والغلس
ما تقلبت من نومي وفي سنتي ..... إلا وذكرك بين النفس والنفس
لقد مننت على قلبي بمعرفة ..... بأنك الله ذو الآلاء والقدس
وقد أتيت ذنوبا أنت تعلمها ..... ولم تكن فاضحي فيها بفعل مسي
فامنن علي بذكر الصالحين ولا ..... تجعل علي إذا في الدين من لبس
وكن معي طول دنياي وآخرتي ..... ويوم حشري بما أنزلت في عبس

                                    
العلم
تعلم فليس المرء يولد عالـمــا ... وليس أخو علم كمن هو جاهـل
وإن كبير القوم لا علم عـنـده ... صغير إذا التفت عليه الجحافل
وإن صغير القوم إن كان عالما ... كبير إذا ردت إليه المحـافـل

لا يدرك الحكمة من عمره ... يكدح في مصلحة الأهـل
ولا ينــال العلم إلا فتى ... خال من الأفكار والشغـل
لو أن لقمان الحكيم الذي ... سارت به الركبان بالفضل
بُلي بفقر وعـيـال لمـا ... فرق بين التبن والبقــل




يا واعظ الناس
يا واعظ الناس عما أنت فاعله ... يا من يعد عليه العمر بالنفس
احفظ لشيبك من عيب يدنسه ... إن البياض قليل الحمل للدنس
كحامل لثياب الناس يغسلها ... وثوبه غارق في الرجس والنجس
تبغي النجاة ولم تسلك طريقتها ...إن السفينة لا تجري على اليبس
ركوبك النعش ينسيك الركوب على ... ما كنت تركب من بغل و من فرس
يوم القيامة لا مال ولا ولد ... وضمة القبر تنسي ليلة العرس


دخل المزني على الإمام الشافعي في مرضه
الذي توفي فيه فقال له :كيف أصبحت يا أبا عبدالله ؟!
فقال الشافعي 

أصبحت من الدنيا راحلاً, و للإخوان مفارقاً , و لسوء عملي ملاقياً , ولكأس المنية شارباً , و على الله وارداً , و لا أدري أروحي تصير إلى الجنة فأهنيها , أم إلى النار فأعزيها
ثم أنشأ يقول
ولما قسـا قلبي و ضاقـت مذاهبي   جـعـلت رجـائي نحـو عفـوك سلـما
تعاظـمــني ذنبــي فلـمــا قرنتــه     بعـفــوك ربـي كـان عفوك أعظـما
فما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل   تجــود و تعـفـــو منــة و تكــرمـا
فلولاك لمايصمد لابليس عابـــد        فكيف وقد اغوى صفيك ادمــا
فلله در العارف النــــــــدب انه       تفيض لفرط الوجد اجفانــه دما
يقيم اذا ما الليل مـــد ظلامـــــه     على نفسه من شدة الخوف مأتما
فصيحا اذا ماكان في ذكر ربــه      وفي ماسواه في الورى كان اعجما
ويذكر اياما مضت من شبابــــه        وماكان فيها بالجهالة اجرمـــــا
قصار قرين الهم طول نهـــاره     اخا الشهد والنجوى اذا الليل اظلما
يقول حبيبي انت سؤلى وبغيتى       كفى بك للراجين سؤلا ومغنما
الست الذي غذيتنى وهديتنــــى       ولازلت منانـا على ومنعــــــما
عسى من له الاحسان يغفر زلتى     ويستر اوزارى وما قد تقدمــــا
                   


إذَا رُمْتَ أَنْ تَحيَا سليمًا مِنَ الرَّدَى
وَدِينـُكَ مَوفُورٌ وَعِرْضُكَ صيّنُ
فَلا يَنطِقَن مِنْكَ اللســان بِسَوءةٍ
فَــكلكَ سَوْءَاتٌ وللنَّاسِ أَلْسُنُ
وَعَيْنَاكَ إِنْ أَبْدَتْ إِلَيْكَ مَعَـايبًــا
فَدَعْهَا، وَقُلْ يَا عَيْنُ للنَّاسِ أَعْيُنُ
وَعَاشِرْ بِمَعْرُوفٍ وَسَامِحْ مَنِ اعْتَدَى
وَدَافِـعْ وَلَكِنْ بِالَّتِي هِيَ أحْـسَنُ





الدَّهْرُ يَـومَانِ ذَا أمْنٍ وذَا خَطَرٍ
والعيشُ عيشانِ ذا صفو وذا كدرُ
أَمَا تَرَى البحرَ تَعلُو فوقه جِيَفٌ
وتَسْتَقِرُّ بأقْصَى قـــاعِهِ الدُّرَرُُ
وفِـي السَّمَاءِ نجومٌ لا عدادَ لَهَا
وليس يُكسَفُ إلا الشمس والقـمر



أحب من الإخوان كل مـُوَاتـي
وكل غضيض الطرف عن عثراتي
يوافقني في كـل أمــر أريـــده
ويحفــظني حيـًّّـا وبـــعــد ممـاتـــي
فمن لي بهذا؟ ليت أني أصبته
لقاســمته مالــــــي من الحســنــات
تصفحت إخواني فكان أقلهم
على كــــثرة الإخوان أهلُ ثـِقاتــــي





إن الطبـيب بِطبه وَدَوائـِــــه
لا يستطيع د ِفـَاع مقــدُور ِ القـضى
ما للطبيب يموت بالداء الذي
قد كان يـبرىء مثــله فيمــــا مضـى
هلك المُدَاوِي والمُدَاوََى والذي
جَلـَبَ الدّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّ َّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّواءَ وَباعهُ وَمن ِ اشــــتـَرى



الله حسبي
أنت حسبي وفيك للقلب حسب    وبحسبي إن صح لي فيك حسب
لا أبالي متى ودادك لي صـح     من الدهر ما تعرض لي خطـب



قلة الإخوان عند الشدائد
ولما أتيت الناس اطلـب عندهـم    أخـا ثقـةٍ عنـد ابتداء الشدائـد
تقلبت في دهـري رخـاء وشـدة    وناديت في الأحياء هل من مساعد؟
فلم أر فيما ساءني غيـر شامـتٍ   ولم أر فيما سرنـي غيـر جامـد




مساءة الظن
لا يكـن ظـنـك إلا سيـئـاً    إن الظن مـن أقـوى الفطـن
ما رمى الإنسان في مخمصةٍ         غير حسن الظن والقول الحسن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

AddThis