لا أتصور أبداً أن يسقط حكم الإخوان فى مصر بعد مضى المهلة التى حددها الجيش فأمام الإخوان مهمة وأهداف قريبة واستراتيجية بعيدة عليهم أن يقوموا بتحقيقها لصالح نظام الإستكبار العالمى الذى تقوده أمريكا ظاهرا وتقوده الصهيونية باطناً وظاهراً وليس من مصلحة أمريكا ولا المنظرين الإستراتيجيين لسياسة المنطقة أن يسقط حكم الإخوان الآن .
وأما ما يحدث فى المشهد المصرى مؤخراً لا يعنى من وجهة نظرى سقوط دولة الإخوان ، فالمسألة ببساطة أن أمريكا التى تقود النظام الإستكبارى العالمى سمحت بتقلد الإخوان مقاليد الحكم فى مصر لكى يبقوا فيه إلى أن يشاء الله ولكنهم يريدون بهذه الأحداث ترويضاً وتركيعاً لجماعة الإخوان لكى يضمنوا أنهم سيحققون لهم مطالب إستراتيجية أهمها :
مطالب حالية عاجلة :
1 – الحرية المطلقة للعالمانيين والشيوعيين والملحدين
2 – المساواة التامة للنصارى والأقليات بالمسلمين
فلو حقق الإخوان هذين المطلبين الهامين سيخفف المجرمون ضغوطهم على الإخوان سواء كان هذا الضغط عن طريق القوى التى تسمى نفسها قوى ثورية أو المتعاطفين معهم أو القوى التى يسوقونها سوقاً ولا تفهم شيئا عن المشهد إلا أنها تُكثر سواد أهل الباطل – نسأل الله العفو والعافية –
ثم تأتى الطلبات المستقبلية التى سيكون على الحكومة الموجودة فى مصر أياً كان شكلها أو حالها أن تحققها بعد ذلك مباشرة :
1 – التوقيع على بياض على وثيقة تأمين النظام الإسرائيلى والمحافظة وحماية حدوده وثغوره
2 – عدم الوقوف فى وجه المشروع الرافضى فى مصر والذى يتوغل فى بلاد العالم الإسلامى
3 – تدجين وتأنيس الاتجاهات الإسلامية المتشددة وقتلهم وسحقهم لو اقتضى الأمر .
وهذه هى الأهداف الإستراتيجية المطلوب تحقيقها مستقبلاً .
فلو قامت حكومة الإخوان حالياً بتحقيق المطلبين الأولين من ضمان الحرية التامة المطلقة للعالمانيين والمتسيبين واليساريين والملحدين وكذلك المساواة التامة للنصارى والأقليات الأخرى بالمسلمين فسوف تنتهى مشاكل النظام الحالية ليبدأ إعداده لتحقيق الأهداف الإستراتيجية الكبرى الثلاث .
وأى نظام عالمانى أو يسارى لن يكون أبدا أفضل خيار لتنفيذ هذه المهمة وليس هناك أفضل من نظام يتسم بالصورة الإسلامية ولذلك ليس من مصلحة أمريكا ولا من مصلحة المنظرين الإستراتيجيين للمنطقة أن يسقطوا نظام حكم الإخوان ولكن لابد لهم من تهذيبه وترويضه عن طريق المظاهرات والجيش فلا أتصور أن يسقط الإخوان خلال المهلة التى حددها الجيش ولا بعد ذلك
وما يحدث على الساحة المصرية ليس إلا ترويض وتهذيب وتأديب لجماعة الإخوان لكى تسير على النهج والخط المرسوم بدقة وأمانة وليكون مستقرا فى يقينها أنها لو حادت قيد أُنملة عن الخط المرسوم لها فسقوطها لن يستغرق سوى أياماً وكله بالديمقراطية وبإرادة الشعب الذى يستطيعون تحريكه وقت ما يشاءون بواسطة الآلة الإعلامية الجهنمية وبالأموال الغزيرة وخاصة أن أمامهم شعب فى معظمه فقير فارغ العقول والوجدان بالإضافة للجيش المصرى الذى تقبع قياداته فى البنتاجون الأمريكى .
لذلك لا يتصورن أحد أن مرسى سيسقط لا خلال 48 ساعة ولا خلال سنوات فجماعة الإخوان حان دورها الذى يدخرونها له من عقود طويلة .. وآن لها أن تقوم بالدور الذى أُنشأت من أجله ... فلن يسقط الإخوان ولن يسقط مرسى ولكن سيظل مرسى ومن بعده يحكم مصر تحت ضغط وإرهاب السقوط وسيستغلون النقد المنحط والإهانات ليرسخوا فى عقول وقلوب ووجدان الناس الاحتقار والازدراء لكل ما هو إسلامى من مساجد وعلماء ومفاهيم ومظاهر وأحكام وعقائد مستخدمين أخطاء وخطايا الإخوان التى تُعجز العادْين والحاصرين .. فيجب على مرسى وجماعة الإخوان المسلمين الآن أن يتقوا الله فى المسلمين سواء من شباب الجماعة أو من المتعاطفين معهم ولا يلجأوا إلى تعبئة أبناء المسلمين للاحتشاد والمواجهات التى لا مسمى لها سوى الفتنة وليقتدى مرسى بسيدنا عثمان بن عفان ذى النورين رضى الله عنه حين أمر أتباعه بعدم رفع السيف للدفاع عنه رغم أن شرعية مرسى لا وجه أبدا لمقارنتها بشرعية سيدنا عثمان رضى الله عنه .. وليتقى الله من يفتى الشباب بالنزول لدعم مرسى قائلين أن من مات عند الاتحادية أو رابعة دفاعا عن شرعية مرسى فهو شهيد ، فلا شهداء فى هذه الفتنة فالقاتل والمقتول أبناءنا وفى مجملهم كلهم لهم حكم المسلمين أيا كان حالهم من تقصير والتزام ولكن كلهم دمهم حرام ومصون شرعاً ، ولو خلصت نية الإخوان فعلاً لله تعالى فقط لتركوا هذه اللعبة القذرة وابتعدوا عن عبادة صنم الديمقراطية التى قاتلنا بعضنا من أجله ومن أجل الحكم والسلطة وليحملوا منهج رسولنا صلى الله عليه وسلم ليبلغوه للناس بالحكمة والموعظة الحسنة باذلين أموالهم وجهودهم فى خدمة فقراء المسلمين وتعليمهم دون أن يطلبوا منهم أصواتهم فى الانتخابات بل عليهم تبصير الناس بحرمة المشاركة فى هذه اللعبة الكفرية المسماة بالديمقراطية .
فلا كاشف لهذه الغُمة سوى الصبر والاعتصام بالله والالتفاف حول العلماء الربانيين الذين لم يخالطوا حزبية ولا ديمقراطية والابتعاد عن المشاركة فى عبادة صنم الديمقراطية الذى خدعوا بها جل المسلمين عوامهم وعلمائهم ، خاصتهم وعامتهم ، وفى نفس الوقت علينا أن نمسك ألسنتنا عن الخوض فى أعراض الناس من هنا وهناك ، وعلينا أن نتبنى منهج الأنبياء الذى يتمثل فى الإصلاح والنصيحة والعلم والعمل والدعوة لنفع الأمة مبتعدين عن أماكن البوار والفتن والصراع بل ينشغلوا بما ينفعهم ، ثم علينا بالدعاء وإحسان اللجوء إلى الله حتى يأتى وعد الله : وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم فى الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذى ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدوننى لا يشركون بى شيئا ........ فاعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا ثم انتظروا وعد الله ... جاهدوا فى الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم فى الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفى ذلك ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق